قيل : ومن جوز بيعها جوز عتقها عن الكفارة ، أما لو فرضنا في كفارة اليمين أنه معدم فإن الكفارة دين لله تعالى ، تعلق بذمته إن كان فقيرا فالنظر يقضي بجواز ذلك على قولنا ، وسبيل ذلك ما لو لزمه دين لله من زكاة ، أو مظلمة ، أو نذر للفقراء ، ولا يملك شيئا إلا هذا المدبر ، فإنا إذا جوزنا له بيعه لذلك ـ جوزنا عتقه عن الكفارة ، وإن لم نجوز بيعه لذلك ، وإنما نجوز بيعه لحق الآدمي ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الله عنه أغنى ، وأنت إلى ثمنه أحوج» لزم ألا يجزي ، هذا ما يقضي به النظر ، وقد حكينا نص العلماء رضي الله عنهم.
وهكذا المكاتب لا يجوز عتقه قبل التفاسخ عندنا ، والشافعي ، أدّى شيئا أم لم يؤد ، وذلك لأنه ممنوع من التصرف فيه ، وقال أبو حنيفة : إذا لم يؤد شيئا جاز عتقه عن الكفارة قبل التفاسخ.
والممثول به لا يعتق عن الكفارة ، ذكره بعض المتأخرين (١) ؛ لأنه قد تعلق به حق الحرية ، كذلك إذا نذر أن يعتق هذه الرقبة ، ثم أعتقها عن الكفارة ، وأما لو شرى رحمه المحرم ناويا لعتقه عن الكفارة فإنه لا يجزيه ؛ لأنه تحرر بغير تحريره ، ولأنه عتق بسبب متقدم ، فأشبه أم الولد ، هذا مذهبنا ، والشافعي.
وقال أبو حنيفة وصاحباه : يجزيه لأن شراءه كالإعتاق.
وأما عتق المشترك مع اليسار (٢) فيجزي عن الكفارة ، ويضمن ، بخلاف ما لو كان معسرا ، فإن الرقبة غير تامة ، وكذلك عتق الحمل الرقبة غير تامة ،
__________________
(١) هو الفقيه علي ، ذكره في الغيث في أول كتاب العتق ، وكذا في الهداية والأحكام ، والبيان. والمختار الإجزاء ، وهو الذي بنى عليه في الأزهار.
(٢) حيث لا تلزم السعاية بنفس الشراء .. ولا بد أن يعتق جميع الرقبة لفظا أو نية ، والله أعلم (ح / ص).