ذلك من الآية أن التحريم يتناول أفعالنا ، وقد قال تعالى : (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) وهذا قول أبي حنيفة (١) ، وأحد قولي الشافعي ، وقوله الآخر : لا يلزمه إرساله.
ولو أحرم ومعه جلد صيد أو لحمه زال ملكه ، وحرم عليه استعماله ، كذلك إذا أحرم وفي منزلة صيد لزمه إرساله ، وزال ملكه ، هذا أحد قولي الشافعي.
وقال أبو حنيفة : واحد قولي الشافعي : لا يلزمه إرساله ، ولا يزول ملكه. حجتنا ما تقدم.
وإن أخذ الصيد حال الإحرام وأمسكه حتى حل لزمه إرساله ، فإن كان معه قبل الإحرام وأمسكه حتى حل فتردد أبو طالب في هذا (٢) ، والمخالف جعل هذا حجة له ، وشبهه بما لو لبس قميصا محرما (٣) ولم ينزعه حتى حل.
الحكم الرابع : إذا قتل الحلال صيدا في الحرم.
فقال مالك ، والشافعي ، وزفر : يجب عليه الجزاء كما إذا قتله وهو محرم.
وقال أهل المذهب ، وأبو حنيفة : ضمانه ضمان القيمة.
وقال داود : هو منهي عن ذلك ، ولا جزاء عليه ، أما تحريم قتله فقد
__________________
(١) يقال : إذا حمل أبو حنيفة لفظ الصيد على الاصطياد فلا يحتاج إلى تقدير ، فلا يؤخذ تحريم قبول الهبة والإمساك ، وانتفاء صحة التملك من هذه الآية ، والله أعلم. (ح / ص).
(٢) المختار : أنه يرجع إلى ملكه ؛ لأنه بقي له فيه حق يرجعه إلى ملكه.
(٣) نصب محرما هنا على أنه حال من الفاعل المستتر في لبس.