المال لو أنفقه في الضيافة والطيب ، وناعم الثياب ، وعياله محتاجون فذلك سرف.
قال في الكشاف : ويحكى أن الرشيد كان له طبيب نصراني حاذق فقال لعلي بن الحسين بن واقد ـ قيل : هو صاحب المعارف ـ : ليس في كتابكم من علم الطب شيء ، والعلم علمان : علم الأديان ، وعلم الأبدان ، فقال له : قد جمع الله الطب كله في نصف آية من كتابه. قال : وما هي؟ قال : قوله : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا). فقال النصراني : ولا يؤثر عن رسولكم شيئا في الطب؟
قال : قد جمع رسولنا صلىاللهعليهوآلهوسلم الطب في ألفاظ يسيرة ، قال : وما هي؟
قال : قوله : «المعدة بيت الداء ، والحمية رأس الدواء ، واعط كل بدن ما عودته» فقال النصراني : ما ترك كتابكم ولا نبيكم لجالينوس طبا.
قيل : وذكر في شرح الإفادة عن السيد أبي طالب : أن الأكل يجب إذا دفع به الضرر ، واستجلب به النفع ، ويستحب إذا كان يستجلب به النفع ، ولا يستدفع به الضرر.
والثالث : قبيح ، وهو أن يأكل لا لدفع مضرة ولا لجلب نفع ؛ لأنه حينئذ يكون إتلافا للمال ، على وجه القبيح ، ولأنه ربما يؤدي إلى التخمة ، وقد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن الأرض لتضج من المتخم كما تضج من السكران».
ولقائل أن يقول : وقد يكره وهو الزيادة على الشبع ، مع التلذذ ، والأمن من المضرة ، وقد يباح ، وذلك مع اللذة ، مع أنه لا يجلب به نفعا ، ولا يدفع به مضرة ، حيث لم يزد على الشبع.
وقوله تعالى : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ) وهذا تأكيد لما سبق من أخذ الزينة ، وأكل الطيب ، وإشارة إلى النهي عن فعلهم في البحيرة والسائبة ، والوصيلة ، والحام.