وأما إذا طاف عاريا فقد قيل : هذا كما لو طاف محدثا (١) ، وقد اختلفوا في ذلك فقال مالك ، والشافعي : لا حكم لهذا الطواف ، كما لو صلى عاريا.
وقالت الهدوية ، والحنفية : له حكم ، لكن قد نقض ، فلا بد فيه من الإعادة ، أو الجبران بالدم ، واحتجوا بعموم قوله تعالى : (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) وليطوفوا بالبيت العتيق ولم يشترط طهارة.
وقيل : إن هذا الأمر (٢) للندب. واختلف ما المأمور به؟ فقيل : التزين للجمعة ، والأعياد ، وقيل : المشط ، والطيب ، والخاتم ، والسنة أن يأخذ الرجل أحسن هيئة للصلاة ، ولهذا ندب السواك.
وروى الحاكم في السفينة أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لسلمان : «ألا أحدثك من غرائب حديثي؟ قلت : بلى يا رسول الله ، فقال : (ما من عبد يقوم في ظلمة الليل ، وغفلة الناس ، فيستاك ويتوضأ ، ويمشط لحيته ، ويأخذ من صالح ثيابه ، وإن حضره طيب مسه ، وإن لم يحضره تمسح بالماء ، فإنه طيب أهل العبادة ، ثم يستقبل القبلة بكل قلبه ، ثم يصلي) إلى آخر الخبر ، وفيه طول ، ثم قال : «إلا جعل الله بينه وبين النار ستة خنادق» إلى آخر الحديث.
وأما الأمر بالأكل والشرب ، فهذا الأمر للإباحة ، وفيه رد لما كان المشركون يفعلون من ترك الأكل للدسم ، واللبن في أيام الحج.
وأما النهي بقوله تعالى : (وَلا تُسْرِفُوا) قيل : أراد بالسرف : الإنفاق في المعصية ، والرياء ، والفخار ، وقيل : لا يتعدى ما أحل له وما حرم عليه ، وقيل : لا يتجاوز ما يليق به من قلة المال وسعته ، فمن له يسير من
__________________
(١) وهو الذي بنى عليه في الأزهار ، قال : والتعري كالأصغر.
(٢) أي : في قوله تعالى (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ).