الألواح ، وكونه أخذ برأس أخيه ، فقيل : لما سمع حديث العجل فعل ذلك لما حصل معه من فرط الدّهش ، وشدة الضجر ، غضبا لله وحمية لدينه ، وكان في نفسه حديدا شديد الغضب ، هكذا ذكر في الكشاف.
قال : وروي أن التوراة كانت سبعة أسباع فلما ألقى الألواح تكسرت ، فرفع منها ستة ، وبقي سبع ، وكان فيما رفع تفصيل كل شيء ، وبقي سبع وفيه الهدى والرحمة ، وجر بذؤابة أخيه لما أصابه من الدهش ، وذهاب الفطنة ، وظن أن أخاه قد قصّر في كفهم ، فلما بين له أخوه عدم تقصيره ، وأن القوم استضعفوه رجع واستغفر لنفسه فيما سلف منه ولأخيه ، إن كان قد فرّط في الاستخلاف ، فعلى هذا يكون فعل موسى عليهالسلام ذنبا صغيرا ؛ لأن ذنوب الأنبياء صغائر (١).
وقال الحاكم : إنه ألقى الألواح تعظيما لا استخفافا ؛ لأن الاستخفاف بكلام الله كفر.
وقيل : لم تكن العادة في ذلك الزمان كما هي الآن من كون إلقاء الشيء وطرحه استخفافا.
قال : وما روي من تكسر التوراة فهو من رواية الحشوية.
وأما جره برأس أخيه ، فالمعنى : أنه أدناه إليه ليسائله ، وقيل : قبض على رأسه ولحيته على وجه التسلي ، كما يفعله الواحد عند ما يناله الغم الشديد ، وقيل : كما يفعله الواحد منا عند الغضب من قبضه على لحيته ، وعضه على يده وشفتيه ، فلا يكون هذا ذنبا من موسى عليهالسلام ، ولا شبهة أنه قد أنكر على أخيه ، ولكن اختلف ما أنكر؟ فقيل : ظن أن أخاه قد قصر فأنكر ، وقيل : هذا لا يظنّ بهارون ؛ لأن ترك الإنكار عظيم.
__________________
(١) الكشاف : ٢ / ١١٩. وسيأتي ذكر هذه القصة في طرفي قوله تعالى : (يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ) الآية.