الحكم الثالث : أن هذه الجوارح التي تقتل الصيد لا بد أن تكون معلمة ؛ لقوله تعالى : (مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ) والتكليب التضرية على الصيد ، وقال تعالى : (تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ) أي : مما ألهمكم ، ولا بد أن يرسله ، فلو استرسل فقتل الصيد لم يحل.
قال القاضي زيد : وهو إجماع إلا عن الأصم.
ووجه ذلك قوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) أي : لكم ، فالمسترسل امسك لنفسه ، وفي حديث عدي بن حاتم أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إذا أرسلت كلبك المعلم فما أخذه فقتله فكله» فاشترط الإرسال ، والزجر بعد استرساله ، كالإرسال عندنا ، وأبي حنيفة ، والشافعي ، ومن أصحاب الشافعي من قال : ليس كذلك فلا يحل ، ولو أخذ المرسل واحدا بعد آخر ، ولم يضرب حل لأنه أمسكه لمرسله لا لو أضرب فإنه أمسكه لنفسه.
قال في الوافي وأبو حنيفة ، والشافعي : يحل لو أرسل على صيد فقتل غيره لعموم الآية والخبر.
وقال مالك : لا يحل ، وكذا الخلاف لو رمى صيدا فأصاب السهم غيره ، ولو أمسكه غير المعلم فقتله المعلم لم يحل عندنا ، والمؤيد بالله ، وأبي حنيفة.
وقال الشافعي : يحل.
قلنا : في حديث عدي أنه قال : يا رسول الله أرأيت إن خالطه كلب آخر؟
قال : «فلا تأكل حتى تعلم أن كلبك هو الذي أمسك».
قال الأخوان ، وأبو حنيفة ، وأحد قولي الشافعي : ولا يحل إن قتله الكلب من غير جرح ، بل كان ذلك بصدمه قياسا على السهم ، وأحد قولي الشافعي : يؤكل أما لو شارك المعلم والمرسل غير معلم أو غير مرسل ، أو