قال في الكشاف (١) : روي أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حاصر يهود بني قريظة إحدى وعشرين ليلة ، فسألوه الصلح كما صالح إخوانهم بني النضير ، على أن يسيروا إلى أذرعات وأريحاء ، من أرض الشام ، فأبى صلىاللهعليهوآلهوسلم إلا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فأبوا ، وقالوا : أرسل إلينا أبا لبابة مروان بن عبد المنذر ، وكان مناصحا لهم ؛ لأن عياله وماله في أيديهم ، فبعثه إليهم ، فقالوا : ما ترى هل ننزل على حكم سعد بن معاذ؟ فأشار إلى حلقه إنه الذبح.
قال أبو لبابة : فما زالت قدماي حتى علمت أني قد خنت الله ورسوله ، فنزلت ، فشد نفسه على سارية من سواري المسجد ، وقال : والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت ، أو يتوب الله عليّ ، فمكث سبعة أيام حتى خر مغشيا عليه ، ثم تاب الله عليه ، فقيل : له : قد تيب عليك فحل نفسك ، فقال : لا والله لا أحلها حتى يكون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الذي يحلني ، فجاء فحله بيده ، فقال : إن من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب ، وأن أنخلع من مالي ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يجزيك الثلث أن تتصدق به» [وهذا من التصلب في دين الله] وعن المغيرة : نزلت في قتل عثمان رضي الله عنه (٢).
وقيل : نزلت في رجل من المنافقين أفشى بسر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وذلك لما روي عن عطاء بن أبي رباح قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : إن أبا سفيان خرج من مكة ، فأتى جبريل إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : «إن أبا سفيان في مكان كذا فاخرجوا إليه ، واكتموا» فكتب رجل من المنافقين إليه أن محمدا يريدكم ، فخذوا حذركم ، فأنزل الله هذه الآية.
__________________
(١) الكشاف : ٢ / ١٥٣
(٢) هاتان القصتان نقلا من الكشاف باللفظ ، إلا ما بين قوسي الزيادة فمن المصنف.