أسيرا ، فيهم العباس عم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعقيل بن أبي طالب ، فاستشار أبا بكر رضي الله عنه فيهم ، فقال : أهلك وقومك استبقهم لعل الله أن يتوب عليهم ، وخذ منهم فدية تقوي بها أصحابك ، وقال عمر رضي الله عنه : كذبوك وأخرجوك فقدمهم واضرب أعناقهم ، فإن هؤلاء أئمة الكفر ، وإن الله قد أغناك عن الفداء ، مكن عليا من عقيل ، وحمزة من العباس ، ومكني من فلان ؛ لنسب له فلنضرب أعناقهم ، فقال ناس بقول أبي بكر ، وقال ناس بقول عمر ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن الله ليلين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللبن ، وإن الله ليشدد قلوب رجال حتى تكون أشد من الحجارة ، وإن مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم حيث قال : (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ومثل عيسى حين قال : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ومثلك يا عمر مثل نوح حيث قال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) ومثل موسى حيث قال : (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ) وأمر بأخذ الفداء».
فقال ابن عباس : قال عمر : فلما كان من الغد جئنا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فإذا هو وأبو بكر يبكيان ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أبكي على أصحابك في أخذهم الفداء» لمّا قال : ما يبكيكما؟.
قال في الكشاف : وكان فداء الأسارى عشرين أوقية ، وفداء العباس أربعين أوقية.
وعن محمد بن سيرين : كان فداهم مائة أوقية ، وستة دنانير ، والأوقية أربعون درهما.
ولما نزل قوله تعالى : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى) الآية.
قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لو نزل عذاب من السماء ما نجا منه غير عمر ، وسعد بن معاذ ؛ لأن رأيهما كان الإثخان في القتل» ومعنى الإثخان : كثرة القتل ، والمبالغة فيه.