وثمرة الآية أن عمارة المساجد التي هي إحياؤها بالذكر والصلاة وسائر العبادات لا تصح من الكافر ، وتحرم عليه ، هكذا ذكره الحاكم.
وأما عمارته التي هي رمّه فهي تصح من المسلم والكافر ، إلا أن يحمل على أنه لا يقبل منه ، وفي هذا دليل أن قرب الكافر لا تصح ، فلا يصح وقفه ولا نذره ، ولا أن يسبل مسجدا ، وقد ذكر أبو طالب ، والمنصور بالله في مساجد المشبهة أنها لا تكون مساجد ، ولا يصح الوقف عليها ، ويجوز هدمها ، والمنصور بالله هدم بعض مساجد المطرفية ، وسبّل بعضها ، ويدل على ذلك تخريب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لمسجد الضرار.
قال في (الروضة والغدير) : وقد ظهر عن المنصور بالله ، والمتوكل على الله أن مساجد المطرفية من جملة ديارهم.
قال : ولما استولى السيد مجد الدين في وقت المنصور بالله على المهجم تملك الجامع ثم سبله معتقدا أنه من جملة ديار الجبرية ، وأقره المنصور بالله ، وأبوه محمد بن أحمد ، وعمه يحيى بن أحمد ، وسائر علماء وقته.
وأما دخول الكافر المسجد فقال الحاكم : هذه الآية لا تمنع منه ؛ لأنه ليس من العبادة.
وقوله تعالى : (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) وقرئ في الشاذ مسجد الله بالتوحيد ، وقد فسر ذلك بالكعبة ، والظاهر العموم ، والمعنى لا يكون معتدا بها إلا من هؤلاء لا من الكفار.
قال جار الله : والعمارة تناول رمّ ما استرم منها ، وقمّها (١) ، وتنظيفها ، وتنويرها بالمصابيح ، وتعظيمها ، واعتيادها بالعبادة والذكر ،
__________________
(١) القم : إزالة القمامة ، بالكنس والتنظيف.