وبشره الأديم طاهرة : تضرب مثلا لمن ينفع فيه العتاب ، وهذا دليل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا عرف أنه لا يؤثر أنه يكون منهي عنه ، وفي هذا قولان للفقهاء :
أحدهما : أنه لا يحسن ؛ لأنه يكون عبثا.
والثاني : اختاره في الانتصار أنه لا يجب ويبقي الحسن لقوله تعالى في سورة الأعراف : (لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ).
الحكم الثالث من الأحكام : أن الكافر نجس ؛ لأنه تعالى وصفهم أنهم رجس ، والرجس النجس ، وهذا قول الهادي ، والناصر ، والقاسم ، ومالك.
وقال المؤيد بالله ، والمنصور بالله ، وأبو حنيفة ، والشافعي : إن الكافر طاهر ، وإنما المراد وصفهم بالرجس لخساستهم ، وهذا الذي صححه الأمير الحسين ، وقد تقدم ذكر ذلك.
الحكم الرابع : أنه لا يجوز تعظيم الكافر ، ويأتي مثله من استحق الوعيد ؛ لأن الله تعالى أخبر أنه لا يرضى عنه ، والمراد بالرضاء عنه إرادة مدحه وتعظيمه ، والرضاء بالفعل إرادة إيجاده ذكر هذا الحاكم ، ولا إشكال أن الرضاء بالفعل القبيح يكون قبيحا ، فيكون الرضاء بالكفر كفرا ، وبالفسق فسقا ، وقد يستدل على هذا بقوله تعالى في سورة الشمس : (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها) فأضاف العقر إليهم لما رضوا به ، والعاقر واحد ، وبقوله تعالى في سورة النساء : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ).
وأما الرضا عن الفاعل فاختلفوا هل يكون رضاء بالفعل أم لا؟