ولا مَنْ يعتوره حالة الجنون إيجاباً وقبولاً ، ولا المكره ولا الغافل ولا الساهي ولا النائم ولا المغمى عليه ولا السكران ولا العابث ولا الهازل ، سواء في ذلك كلّه الإيجابُ والقبول.
ولا بدّ أن يكون الراهنُ غيرَ محجور عليه بالسفه أو الفلس ؛ لأنّهما ممنوعان من التصرّف في أموالهما ، ولا اعتبار باختيارهما ، مع أنّ عقد الرهن والتسليم لا يكون واجباً ، وإنّما يكون إلى اختيار الراهن ، فإذا لم يكن له اختيار ، لم يصح منه. ولأنّ الرهن تبرّعٌ فإن صدر من أهل التبرّع ، فلا كلام ، وإلاّ فلا بدّ من قائم يقوم مقام المالك.
ويُشترط وقوعه على وفق المصلحة والاحتياط ، فإذا رهن الوليّ مال الصبي والمجنون والسفيه أو ارتهن لهم ، فلا بدّ من اعتبار مصلحتهم والاحتياط ، وذلك مثل أن يشتري للطفل ما يساوي مائتين بمائة نسيئةً ويرهن به ما يساوي مائة من مال الطفل ، فإنّ ذلك جائز ؛ لأنّه إن لم يعرض تلف ، ففيه غبطة ظاهرة. وإن تلف الرهن ، كان في المشتري ما يجبره.
ولو لم يرض البائع إلاّ برهن يزيد قيمته على المائة ، فإن كان الرهن ممّا لا يخشى تلفه في العادة كالعقار ، جاز رهنه ؛ لما فيه من تحصيل الغبطة والمنفعة للصبي ، الخالية عن توهّم التلف.
وظاهر مذهب الشافعي المنع من هذه المعاملة (١).
ولو كان الرهن ممّا يخشى تلفه ، فالأقوى : الجواز في موضعٍ يجوز إيداعه.
ومَنَع الشافعي من ذلك ؛ لأنّ الرهن يمنع من التصرّف وربما يتلف فيتضرّر به الطفل (٢).
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٠٥.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٠٥.