وقلنا : رهن الجاني ابتداءً فاسد ، ففي بطلان الرهن للشافعيّة وجهان ، إلحاقاً للجناية يتخمّر (١) العصير بجامع عروض الحالة المانعة من ابتداء الرهن قبل استحكام العقد. وهذه الصورة أولى بأن لا يبطل الرهن فيها ؛ لدوام الملك في الجاني ، بخلاف الخمر (٢).
ولو أبق العبد المرهون قبل القبض ، فللشافعيّة وجهان ؛ لانتهاء المرهون إلى حالة تمنع ابتداءً الرهن فيها (٣).
مسألة ١٥١ : الخمر قسمان :
خمر محترمة ، وهي التي اتّخذ عصيرها ليصير خَلاًّ ، وإنّما هي محترمة ؛ لأنّ اتّخاذ الخَلّ جائز إجماعاً ، ولا ينقلب العصير إلى الحموضة إلاّ بتوسّط الشدّة ، فلو لم تُحترم وأُريقت في تلك الحالة لتعذّر اتّخاذ الخَلّ.
والثاني : خمر غير محترمة ، وهي التي اتّخذ عصيرها لغرض الخمريّة.
إذا عرفت هذا ، فإنّ تخليل الخمر بالأجسام الطاهرة جائز ، كطرح العصير أو الخَلّ أو الخبز أو غيرها وبه قال أبو حنيفة (٤) لأنّ المقتضي للتخليل وهو زوال الخمريّة موجود ، والمانع هو طرح شيء فيها ـ لا يصلح للمانعيّة ، وإلاّ لما طهرت البتّة ؛ لأنّ الآنية تنجس بملاقاتها ، فلو
__________________
(١) في « ج » و « العزيز شرح الوجيز » : « بتخمير ».
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٨١ ، روضة الطالبين ٣ : ٣١٣.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٨١ ، روضة الطالبين ٣ : ٣١٣.
(٤) المبسوط للسرخسي ٢٤ : ٢٢ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٣٢٩ ، بدائع الصنائع ٥ : ١١٣ ١١٤ ، الهداية للمرغيناني ٤ : ١١٣ ، الاختيار لتعليل المختار ٤ : ١٥٩ ، الحاوي الكبير ٦ : ١١٢ ، المغني ١٠ : ٣٣٨ ، الشرح الكبير ١٠ : ٣٤٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٨١.