بحكم الملك الأوّل ، فيعود حكم الرهن ؛ لأنّه زال بزوال الملك ، فعاد بعوده.
فإن قيل : أليس أنّ العقد إذا بطل لا يصحّ حتى يُبتدأ ، والرهن بطل فيه حين صار خمراً؟
فالجواب : أنّ العقد إذا وقع فاسداً ، لم يصح حتى يوجد صحيحاً ، وليس كذلك هنا ؛ لأنّ العقد وقع صحيحاً ، وحدث بالمعقود معنى أخرجه من حكم العقد ، فإذا زال ذلك ، عاد حقّ العقد ، كما أنّ زوجة الكافر إذا أسلمت ، حرم وطؤها عليه ، وخرجت بذلك من حكم العقد ، فإذا أسلم الزوج قبل انقضاء العدّة ، عاد حكم العقد. وكذلك إذا ارتدّ أحد الزوجين.
مسألة ١١٨ : إذا كان في يده عصير فصار خمراً فأراقه فجمعه جامعٌ فصار في يده خلاًّ ، فالأقرب : أنّه يكون ملكاً للثاني ؛ لخروجه عن ملك الأوّل بصيرورته خمراً ، ولا يصحّ للمسلم تملّكه ابتداءً ولا استدامةً ، وخروجه عن أولويّة اليد بإراقته ، فانتفى تعلّقه عنه بالكلّيّة ؛ لأنّه أسقط حقّه منها وأزال يده عنها ، فيكون ملكاً للثاني ؛ لاستيلاء يده عليه ، وهذا أحد وجهي الشافعيّة.
والثاني : أنّه يعود ملكاً للأوّل ؛ لأنّه مملوك بالمعنى الأوّل ، وهو الأظهر عندهم ؛ لأنّ الجامع للخمر ممنوع من ذلك ، محرّم عليه ، ويده لا تثبت عليها ، فلا يصحّ تملّكه بذلك (١).
وقوله الأوّل : « أسقط حقّه » ليس بصحيح ؛ لأنّه فَعَل الإراقة التي أمره الشرع بها ، ولو كان كذلك ، لوجب أن تكون مباحةً كالصيود لا يختصّ بملكها الجامعُ ، بل يكون أحقّ بها ؛ لحصولها في يده.
__________________
(١) حلية العلماء ٤ : ٤٥٧.