وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد : استدامة القبض شرط ؛ لقوله تعالى ( فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ ) (١).
ولأنّها إحدى حالتي الرهن ، فكان القبض فيها شرطاً ، كالابتداء (٢).
ولا دليل في الآية على ما تقدّم. والأصل ممنوع ، مع أنّ النصّ على خلافه ، قال عليهالسلام : « الرهن محلوب ومركوب » (٣) وليس ذلك للمرتهن إجماعاً ، فبقي أن يكون للراهن ، وهو يدلّ على عدم اشتراط استدامة القبض.
مسألة ١٤٥ : لو تصرّف الراهن في الرهن قبل الإقباض بهبة أو بيع أو عتق أو جعله صداقاً أو رهنة ثانياً أو جعله مالَ إجارة ، فعلى ما قلناه من لزوم الرهن بمجرّد العقد تكون التصرّفات موقوفةً على إجارة المرتهن ، فإن أجازها ، صحّت ، وبطلت وثيقته إلاّ في الرهن على إشكال سبق. وإن فسخها المرتهن ، بطلت.
وعلى القول بالاشتراط يكون ذلك رجوعاً عن الرهن ، فبطل الرهن ؛ لأنّه أخرجه عن إمكان استيفاء الدَّيْن عن ثمنه أو فعل ما يدلّ على قصد ذلك ، وسواء أقبض البيع والهبة والرهن الثاني ، أو لم يقبضه.
وكتابه العبد ووطؤ الجارية مع الإحبال كالبيع.
أمّا الوطؤ من غير إحبال أو التزويج فليس رجوعاً ؛ إذ لا تعلّق له بمورد الرهن ، فإنّ رهن المزوّجة ابتداءً جائز ، وبه قال الشافعي (١).
وأمّا الإجازة فإن قلنا : إنّ رهن المكري وبيعه جائز ، فهي كالتزويج ،
__________________
(١) البقرة : ٢٨٣.
(٢) المغني ٤ : ٤٠٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٢٠ ٤٢١ ، حلية العلماء ٤ : ٤٢٢ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٧٤.
(٣) المستدرك للحاكم ٢ ك ٥٨ ، سنن البيهقي ٦ : ٣٨.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٧٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣١١.