وإمّا أن يحتاج إلى مئونة ، فحكم المرتهن في الانتفاع به بعوضٍ أو بغير عوضٍ بإذن الراهن كالقسم الأوّل.
وإن أذن له في الإنفاق والانتفاع بقدره ، جاز ؛ لأنّه نوع معاوضة.
وأمّا مع عدم الإذن فإن كان الرهن محلوباً أو مركوباً ، قال إسحاق وأحمد : للمرتهن أن ينفق عليه ويركب بقدر نفقته ، وسواء أنفق مع تعذّر النفقة من الراهن لغيبته أو امتناعه من الإنفاق ، أو مع القدرة على أخذ النفقة من الراهن واستئذانه (١).
وعن أحمد رواية : لا يحتسب له بما أنفق وهو متطوّع بها ، ولا ينفع من الرهن بشيء وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي لقوله عليهالسلام : « الرهن من راهنه ، له غُنْمه وعليه غُرْمه » (٢).
ولأنّه ملك غيره لم يأذن له في الانتفاع به ولا الإنفاق عليه ، فلم يكن له ذلك ، كغير الرهن (٣).
واحتجّ أحمد بقوله عليهالسلام : « الرهن يركب بنفقته إذا كان مرهوناً ، ولبن الدرّ يشرب بنفقته إذا كان مرهوناً ، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة » (٤) فجعل منفعته بنفقته (٥).
ولا يصحّ ذلك في طرف الراهن ؛ لأنّ إنفاقه وانتفاعه لا بطريق المعاوضة لأحدهما بالآخر. ولأنّ نفقة الحيوان واجبة ، وللمرتهن فيه حقّ
__________________
(١) المغني ٤ : ٤٦٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٧٤.
(٢) راجع الهامش (٣) من ص ١٦٣.
(٣) المغني ٤ : ٤٦٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٧٤.
(٤) صحيح البخاري ٣ : ١٨٧ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٥٥ / ١٢٥٤ ، سنن الدارقطني ٣ : ٣٤ / ١٣٤ ، سنن البيهقي ٦ : ٣٨.
(٥) المغني ٤ : ٤٦٨ ٤٦٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٧٤.