وهل يزول الضمان بالرهن؟ قال الشيخ (١) : لا يزول ، ويثبت فيه حكم الرهن ، والحكم الذي كان ثابتاً فيه يبقى (٢) بحاله وبه قال الشافعي ومالك وأبو ثور (٣) لقوله عليهالسلام : « على اليد ما أخذت حتى تؤدّي » (٤).
ولأنّ الدوام أقوى من الابتداء ، ودوام الرهن لا يمنع ابتداء الضمان ، فإنّ المرتهن إذا تعدّى في المرهون ، يصير ضامناً ، ويبقى الرهن بحاله ، فلأن لا يرفع ابتداء الرهن دوام الضمان كان أولى. ولأنّه لا تنافي بين الرهن وثبوت الضمان ، كما لو تعدّى في الرهن ، فإنّه يصير مضموناً ضمانَ الغصب ، وهو رهن كما كان ، فكذلك ابتداؤه ؛ لأنّه أحد حالتي الرهن.
وقال أبو حنيفة وأحمد : يزول الضمان وهو منقول عن مالك أيضاً لأنّه مأذون له في إمساكه رهناً (٥) ، لم يتجدّد منه فيه عدوان ، فلم يضمنه ، كما لو قبضه منه ثمّ أقبضه إيّاه أو أبرأه من ضمانه (٦).
ومنعوا عدم التنافي ؛ فإنّ يد الغاصب عادية يجب عليه إزالتها ، ويد المرتهن محقّة جَعَلها الشرع له ، ويد المرتهن أمانة ، ويدلُّ الغاصب
__________________
(١) الخلاف ٣ : ٢٢٨ ، المسألة ١٧.
(٢) في « ج » والطبعة الحجريّة : « فيبقى ». والصحيح ما أثبتناه.
(٣) الحاوي الكبير ٦ : ٣٩ ، التهذيب للبغوي ٤ : ٢٠ ، الوسيط ٣ : ٤٨٨ ، الوجيز ١ : ١٦٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٧٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٠٩ ٣١٠ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٧٣ ، الذخيرة ٨ : ١١٤ ، المغني ٤ : ٤٠٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٢٧ ، وحكاه عنهم أيضاً الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٢٢٨ ، المسألة ١٧.
(٤) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٩٦ / ٣٥٦١ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٦٦ / ١٢٦٦ ، مسند أحمد ٥ : ٦٣٨ / ١٩٦٢٠.
(٥) في « ج » والطبعة الحجريّة : « وهنا » بدل « رهناً ». والصحيح ما أثبتناه.
(٦) المغني ٤ : ٤٠٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٢٧ ٤٢٨ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٠ ، التهذيب للبغوي ٤ : ٢٠ ، الوسيط ٣ : ٤٨٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٧٥ ، الذخيرة ٨ : ١١٤.