ولو صدر من الراهن ما يدلّ على الإذن في القبض ، كان بمنزلة الإذن ، وقام مقامه ، مثل أن يرسل العبد إلى مرتهنه ، وردّ ما أخذه من المرتهن إلى يده ، ونحو ذلك ؛ لأنّه دليل على الإذن ، فاكتفي به ، كما لو دعا غيره إلى طعام وقدّمه بين يديه ، فإنّ ذلك يجري مجرى الإذن في تناوله ، كذا هنا.
مسألة ١٤٩ : لو رهن عصيراً وأقبضه فانقلب في يد المرتهن خمراً ، لم نقل : إنّها مرهونة.
واختلفت عبارة الشافعيّة.
فقال بعضهم : يُتوقّف إن عاد خَلاًّ ، بانَ أنّ الرهن لم يبطل ، وإلاّ ظهر بطلانه (١).
وقال أكثرهم : يبطل الرهن ؛ لخروج الرهن عن كونه مالاً ، ولا خيار للمرتهن إن كان الرهن مشروطاً في بيعٍ ؛ لحدوثه في يده (٢).
ثمّ إن عاد خَلاًّ ، يعود الرهن ، كما يعود الملك وهو أحد قولي الشافعي (٣) لأنّه لا يراد ببطلان الرهن اضمحلال أثره بالكلّيّة ، بل ارتفاع حكمه ما دامت الخمريّة.
والثاني : أنّه لا يعود الرهن إلاّ بعقدٍ جديد ، وبه قال أبو حنيفة (٤).
والوجه : الأوّل ؛ لأنّ الرهن تابع للملك ، والملك قد عاد إلى الراهن.
ولو رهن شاة فماتت في يد المرتهن فدبغ جلدها ، لم يطهر ،
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٧٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٣١٢.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٧٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٣١٢.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٧٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٣١٢.
(٤) الحاوي الكبير ٦ : ١١٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٨٠.