إنّه وصيّة لا يلزمهم ذلك ، ويحملون كلام الشافعي الذي حكاه في العتق على أنّه على هذا القول قاله.
ومَنْ قال : لا يصحّ الرهن على القولين فقد ذكرنا فرقة بين التدبير وسائر الوصايا.
فأمّا ما حكاه من مسألة الهبة فمن أصحابنا مَنْ يقول : إذا قلنا : التدبير وصيّة ، صحّت الهبة ، وكان رجوعاً عن التدبير. وإذا قلنا : إنّه [ تعليق ] (١) عتق بصفة ، لم يكن ذلك مبطلاً للتدبير.
ومنهم مَنْ قال : يكون مبطلاً للتدبير على القولين ؛ لأنّ الهبة تنقل الملك إذا انضمّ إليها القبض ، فكانت أقوى من الرهن ؛ لأنّه لا يفضي عنده إلى إزالة الملك ، فافترقا (٢).
واعلم أنّ عامّة الشافعيّة مالوا إلى ترجيح بطلان الرهن ؛ لأنّ العتق مستحقّ بالتدبير ، فلا يقوى الرهن على دفعه. والجويني اختار الصحّة ، أمّا على قول إنّه وصيّة : فظاهر. وأمّا على قوله إنّه تعليق عتقٍ بصفة : فلأنّه مع ذلك محسوب من الثلث ، بخلاف العتق المعلّق (٣) النازل في حياة المعلِّق ، والدَّيْن محسوب من رأس المال ، ولو مات يخلّف إلاّ هذا العبد والدَّيْن مستغرق ولا رهن ، لصرفناه إلى الدَّيْن ، ولم نبال باندفاع العتق ، فلا معنى لمنعه من الرهن لغرض العتق (٤).
مسألة ١٢٩ : لو رهن عبده ثمّ دبَّره ، قال الشيخ ; : يبطل التدبير ؛ لأنّه
__________________
(١) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.
(٢) راجع : الحاوي الكبير ٦ : ١٠٦ ١٠٧.
(٣) في الطبعة الحجريّة و « ج » : « المطلق » بدل « المعلّق ». وما أثبتناه من المصدر.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٤٩.