فإمّا الغاصب والمستعير فإنّ القول قولهما فيما يغرمان ؛ لأنّ القول قول الغارم ، لأنّه مدّعى عليه ، وهنا المرتهن يثبت لنفسه خياراً في العقد بذلك ، فهو بمنزلة المشتري.
أمّا لو اختلفا في العقد فقال المرتهن : رهنتنيه خمراً وقبضتُه خمراً ، وقال الراهن : بل رهنتكه عصيراً وقبضته عصيراً ، قال بعض الشافعيّة : القول قول المرتهن في هذه قولاً واحداً ؛ لأنّه ينكر العقد.
وقال آخرون منهم : فيها القولان ؛ لأنّه معترف بحصول عقدٍ وقبض ، وإنّما يدّعي صفةً في المعقود عليه ، والأصل عدمها (١).
ولو صار العصير خمراً في يد الراهن قبل القبض ، بطل الرهن ، فإن عاد خَلاًّ ، لم يعد ، ويخالف إذا كان بعد القبض ، لأنّ الرهن قد لزم وقد صار تابعاً للملك.
فأمّا إذا اشترى عصيراً فصار خمراً في يد البائع وعاد خلاًّ ، فسد العقد ، ولم يعد ملك المشتري لعوده خلاًّ.
والفرق بينه وبين الرهن أنّ الرهن عاد تبعاً لملك الراهن ، وهاهنا يعود ملك البائع ؛ لعدم العقد ، ولا يصحّ أن يتبعه ملك المشتري.
مسألة ١٢٢ : لو جنى العبد المرهون قبل القبض وتعلَّق الأرشُ برقبته وقلنا : رهن الجاني ابتداءً فاسد ، ففي بطلان الرهن للشافعيّة وجهان ؛ إلحاقاً للجناية بتخمير العصير بجامع عروض الحالة المانعة من ابتداء الرهن قبل استحكام العقد ، وهذه الصورة أولى بأن لا يبطل الرهن فيها ؛ لدوام الملك
__________________
(١) المهذّب للشيرازي ١ : ٣٢٤ ، حلية العلماء ٤ : ٤٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٤٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٠.