باطل عنده حتى لا يملك حبس الرهن ، حلّ الدرك أو لم يحلّ. وإذا هلك الرهن عنده ، كان أمانةً ، حلّ الدرك أو لم يحلّ ؛ لأنّه لا عقد حيث وقع باطلاً ، بخلاف الرهن بالدَّيْن الموعود بأن يقول : رهنتك هذا لتقرضني ، فقبض الرهن وهلك في يد المرتهن قبل أن يقرضه ألفاً ، فإنّه يهلك مضموناً على المرتهن حتى يجب على المرتهن تسليم الألف إلى الراهن بعد الهلاك ؛ لأنّ الموعود جُعل كالموجود باعتبار الحاجة ، فكان الرهن حاصلاً بعد القرض حكماً ؛ إذ الظاهر أنّ الخلف لا يجري في الوعد ، فكان مفضياً إلى الوجود غالباً ، بخلاف الرهن بالدرك ؛ لأنّ الدرك لا يكون موجوداً غالباً ؛ إذ الظاهر أنّ المسلم يبيع مال نفسه (١).
وهذا من أغرب الأشياء ، فإنّ الدرك إنّما يثبت إذا سبق السبب على الرهن ، فيكون مستحقّاً في الذمّة ، والوعد بالقرض لا يُثبت في الذمّة شيئاً ، فكيف يصحّ الرهن على الثاني دون الأوّل!؟
مسألة ٢٥٢ : قد بيّنّا أنّ الرهن أمانة في يد المرتهن لا يسقط من الدَّيْن شيء بتلفه من غير تفريطٍ ، خلافاً لأبي حنيفة حيث قال : يسقط من الدَّيْن بقدر ما تلف ، ونقص السعر لا يوجب سقوط شيء من الدَّيْن عنده حتى لو رهن عبداً قيمته ألف فنقص سعره حتى صار يساوي مائةً ، لم يسقط شيء من الدَّيْن عند أبي حنيفة (٢).
وقال زفر : تسقط تسعمائة من الدَّيْن ؛ لنقصان الماليّة بتغيّر السعر ، كما لو انتقصت الماليّة بتغيّرٍ في البدن ، وهذا لأنّ الضمان الثابت بالرهن
__________________
(١) الهداية للمرغيناني ٤ : ١٣٤ ، المبسوط للسرخسي ٢١ : ٧٣.
(٢) المبسوط للسرخسي ٢١ : ٦٤ و ١٠٥ ، الهداية للمرغيناني ٤ : ١٢٨ و ١٥١.