والثاني : يُحكم بفساد الرهن (١).
وهذا الوجه الذي تأوّل به صاحب هذه الطريقة كلامَ الشافعي وهو
قوله : « وكان الرهن مفسوخاً » وحَمَله عليه ليس (٢) بصحيح ؛ لأنّه إذا صحّح رهنه ، لم يجز أن يحكم بفساده بامتناع الراهن عن بيعه ، بل يجب بيعه بحكم الرهن ولزومه.
والطريقة الأوّلة أصحّ في القياس ؛ لأنّ في كون التدبير وصيّةً أو تعليقَ عتقٍ بصفة قولين معروفين ، وقضيّة كونه وصيّةً صحّة الرهن.
والثانية ظاهر كلامه ؛ لأنّ كلامه في الأُمّ كالصريح في القطع بالمنع ؛ لأنّه قال : « ولو دبّره ثمّ رهنه ، كان الرهن مفسوخاً ، ولو قال : رجعت عن التدبير ، ثمّ رهنه فقولان » (٣) فخصّ القولين بما بعد الرجوع.
والثالثة مخالفة لقوله وللقياس (٤).
والمزني اختار أنّ الرهن يصحّ ، ويبطل التدبير كما ذهبنا نحن إليه لأنّ التدبير عنده وصيّة كما قلناه وقد ثبت أنّه لو أوصى بعبده ثمّ رهنه ، بطلت الوصيّة ، وأنّ الشافعي قال : « لو دبَّر عبده ثمّ قال له : إن أعطيت ورثتي كذا بعد موتي فأنت حُرٌّ ، كان رجوعاً في التدبير ».
قال : ولأنّ الشافعي قال : « لو دبَّر عبده ثمّ وهبه هبة بتاتٍ ، بطل التدبير ، أقبضه في التدبير أو لم يقضه » والرهن كالهبة قبل القبض (٥).
والجواب : أنّ الذين قالوا : إنّه يصحّ الرهن على القول الذي يقول :
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٤٨.
(٢) في الطبعة الحجريّة و « ج » : « وليس .. ». والصحيح ما أثبتناه.
(٣) الأُم ٣ : ١٥٨.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٤٩.
(٥) مختصر المزني : ٩٦ ، الحاوي الكبير ٦ : ١٠٦ ، وانظر أيضاً : الأُمّ ٨ : ١٨.