يقال إنه جاء في إلقاء السمك حيا في النار ، أي شقّ عليه. وقوله تعالى : (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ)(١) أي : لا أفارقها. وقوله : (لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ)(٢) ، أي لا نزال ، وقوله : (لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ) أي لا أزال سائرا ، قال الأزهريّ : هو مثل قوله : (لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ) ، هو بمعنى لا نزال ، ولا يجوز أن يكونا بمعنى لا أزال (٣). ولم يرد بقوله : (لا أَبْرَحُ) لا أفارق مكاني ، وإنّما هذا بمعنى قوله : (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ). هذا إقامة وذاك ذهاب. وقال غيره : لا أبرح : لا أفارق سيري. ليس قوله : (لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ) مثل قوله : (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ) لأن الثاني يدلّ على إقامته بالأرض. والأول يدلّ على الإنتقال ، لأنها إن كانت تامّة فمعناها : لا أفارق البراح ، وإن كانت ناقصة فالجزء مقدّر أي لا أبرح سائرا. ثم إنه ينافيه قوله : هذا إقامة وذاك ذهاب.
ب ر د :
البرد : ضدّ الحرّ ، والبرودة : ضدّ الحرارة. فتارة يعتبر ذاته فيقال : برد كذا : اكتسب بردا. وبرد الماء كذا : أكسبه بردا. وبرد كذا : ثبت. واختصاص الثبوت بالبرد كاختصاص الحركة بالحرّ. برد كذا : أي ثبت (٤) ، ولم يرد : بيدي (٥) شيئا أي لم يثبت.
وبرد فلان : مات ، وبرّده : قتله ، وذلك إمّا لأنه تذهب حرارته أو لأنه تذهب حركته ، ومنه قيل للسيوف : البوارد. ومن ذلك سمّي النوم بردا اعتبارا ببرد جلده الظاهر ، وإما بذهاب حركته ، فإنّ النوم موت. قال (٦) : [من الطويل]
فإن شئت (٧) حرّمت النساء سواكم |
|
وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا |
__________________
(١) ٨٠ / يوسف : ١٢.
(٢) ٩١ / طه : ٢٠.
(٣) في ح : ألا زال ، وفي س : ألا أزوال ، ولعل الصواب ما ذكرنا.
(٤) مكرر قبل سطر. ولم يذكر (تارة) الأخرى.
(٥) الكلمة غير منقوطة في الأصل.
(٦) البيت للعرجي (اللسان ـ مادة برد).
(٧) في الأصل : شئتم.