تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ)(١) أي تقيم بهذه الحال ، ومنه : [من الكامل]
أنكرت باطلها وبؤت بحقّها (٢)
قال الراغب : وقول من قال : أقررت بحقّها فليس تفسيره بحسب مقتضى اللفظ. قلت : وكذا في قوله عليه الصلاة والسّلام : «أبوء بنعمتك عليّ» (٣). وعن خلف الأحمر أنه قال : في قولهم : حياك الله وبيّاك الله ، أي زوّجك ، من الباه. وأصله : وبوّأك أي جعل لك مبوأ ، فقلبت الواو بالازدواج ، كما قالوا : الغدايا والعشايا ، قاله الراغب.
ب وب :
الباب (٤) : مدخل الشيء ، ومنه باب الدار. والباب أيضا : ما يتوصّل منه إلى غيره. ومنه تقول : هل هذا باب كذا؟ أي الذي يتوصّل منه إلى معرفة ما عقد له من الكلام. وهذا باب لكذا أي طريقه ، ويطلق ويراد به السبب الموصل إلى ذلك ، والعلة الحاملة عليه. فيقال : الصلاة والصوم والزكاة والحجّ وأفعال البرّ كلّها أبواب الجنة. والزّنا والسرقة وأفعال (٥) الفجور كلّها أبواب جهنم. لأنّ هذه أسباب جعلها الله تعالى موصلة إلى ذلك إن شاء.
وقال عليه الصلاة والسّلام في حقّ ابن عمّه أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها» ، وذلك لما أخذ عنه وأودعه إياه لا سيّما من علوم القرآن. وما أحسن هاتين الكنايتين حيث شبّه نفسه الزكية بمدينة ملأى علما ، وجعل عليا موصولا (٦) به إليها. ولذا الأمر ما علم عليّ بالنسبة إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم إلا مثل نسبة باب المدينة إليها. فأين الباب من المدينة؟ هذا مع ما علم وشهر من غزارة علم عليّ وتزايده.
__________________
(١) ٢٩ / المائدة : ٥.
(٢) البيت للبيد ، وعجزه (الديوان : ٣١٨) :
عندي ولم تفخر عليّ كرامها
وبؤت (هنا) : اعترفت.
(٣) النهاية : ١ / ١٥٩.
(٤) في ح : البوب ، وفي س : البواب ، ولعلها كما ذكرنا.
(٥) في الأصل : وأبواب.
(٦) وفي س : موصلا.