ويبدو لنا أن الناسخ كثير المتاهات والعثرات ، قليل الخبرة اللغوية ، لا يحسن موازين الشعر ، ولا يتحلّى بالأناة العلمية. لذا رأينا نقصا وسقطا وأخطاء وتبديلا وخللا قلما يجبره الرافدان. ولو لا الرويّة والمصادر التي بين أيدينا لا نعدمت الفائدة من إخراج العمدة. على أننا لا نريد إضاعة جهده بكلمات ـ كما يفعل السطحيون أو الك سالى من النقاد ـ فلولا نسخته لما رأى الكتاب النور. وكان الناسخ إذا شعر بأنه أخطأ ـ وهذا قليل ـ رأيناه يضع حرف «الطاء» فوق الكلمة التي يشكّ بها ؛ ففي حديث السيدة عائشة عن «البضع» ذكر : «وله حصن زين». فأحسّ بأن المعنى لم يستقم فوضع حرف الطاء فوقها. ولعل هذا الحرف اصطلاح منه مختصر من الكلمة «خطأ». إلا أن الناسخ لم يعان بالبحث ، بل كان يكتفي بالإشارة وهذا من أضعف الإيمان .. وتنبّهه مع ذلك لا يساوي أخطاءه.
ويبدو أن النسخة (ح) تملّكها غير شخص ، أو طالع بها اكثر من باحث ، لذا جاءت محلّاة بهوامش وتعليقات بعضها مفيد ، وبعضها الآخر لا علاقة له بالمتن. فما جاء في الهامش من خط الناسخ أنزلناه في مكانه ، وما جاء تعليقا مفيدا أنزلناه في مكانه من الحاشية. وما لم يكن بذي قيمة لم ندونه ، من ذلك هامش الورقة ٦٤ ، في تعريف المعلّق لاسم الجنس والفرق بين اسم الجنس وعلم الجنس.
ولقد تكررت أسماء بعض المهمّشين أحيانا ، ولعل أبرزهم : حسن جلبي (حلبي) ، منادي ، مختار ، سيد.
٢ ـ النسخة س : ودعوناها كذلك نسبة إلى مكتبة الأسد. وهي محفوظة في خزانة المكتبة الأحمدية تحت رقم ٥٢ / خاص بالعثمانية. وتضم هذه النسخة ٤١٨ ورقة ، أبعاد الصفحة منها ١٠* ٥٠ ، ٢٢. كتبها «إبراهيم بن الشيخ رجب بن نصوح بك الغازي .... في ديار المصرية .. في خامس عشر رجب الفرد من سنة ست وخمسين وألف».
ومع أن خطّ (س) أجمل من خط النسخة (ح) إلا أن الاعتماد عليها كان أقلّ أهمية. وأفادتنا كثيرا لتوضيح رسم لفظة ، أو رأب نقص. وتبقى رديفا مهما ومتمما للنسخة الأم. ويبدو أن الناسخين نسخا عن أصل واحد ، ولعله من خط المؤلف بالنظر إلى كمالهما ، إلا أن داء العصر العثماني ـ والذي هو الجهل ـ كان متفشيا بين جماعة الناسخين ، مما جعل الناسخين يقعان في مطبّات محيّرة وأخطاء فادحة ، حتى في نسخ الآيات الكريمة بله الشواهد