وبها فسّر الفراء (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ)(١) ، قال : عصاك (٢) ؛ ولذلك كنّت العرب عن القوة والثروة بالجناح ؛ قالوا : طال جناح فلان ، لمن أثرى. وقصّ جناحه لمن افتقر ؛ استعارة من الطائر المقصوص.
ج ن د :
الجند : العسكر المعدّ للقتال اعتبارا بالجند ؛ وهي الأرض الغليظة الكثيرة الأحجار. ثم قيل لكلّ مجتمع : جند. ويجمع على أجناد وجنود. قال : (ما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ)(٣) أي خلائقه التي إن أراد أن يهلك بها من شاء أهلكته.
وقوله : (وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ)(٤) أي أنّ صيحة الملك قد أهلكتهم ، فلم يحتج معها إلى إنزال جند.
وقوله : (إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها)(٥) ؛ الجنود الأولى هم الكفار ، والثانية هم الملائكة. وهذا يدلّ على عظيم قدر نبيّنا صلىاللهعليهوسلم إذ (٦) كان ربّنا يهلك أهل القرى بصيحة ملك واحد ، وينصر رسوله بآلاف من الملائكة ، فيهم ذلك الملك الذي كان يهلك بصيحته القرى ، وهو جبريل ، اعتناء بشأنه صلىاللهعليهوسلم.
وقوله صلىاللهعليهوسلم : «الأرواح جنود مجنّدة» (٧) أي مجتمعة ، نحو قناطير مقنطرة ، وألوف مؤلّفة يقصد به التكثير.
__________________
(١) ٣٢ / القصص : ٢٨.
(٢) يقول الفراء : «يريد عصاه في هذا الموضع. والجناح في الموضع الآخر (يعني : يدك إلى جناحك) : ما بين أسفل العضد إلى الرّفع وهو الإبط» (معاني القرآن : ٢ / ٣٠٦).
(٣) ٣١ / المدثر : ٧٤.
(٤) ٢٨ / يس : ٣٦.
(٥) ٩ / الأحزاب : ٣٣.
(٦) في الأصل إذا.
(٧) النهاية : ١ / ٣٠٥. وفي الغريبين (١ / ٤١٠) : جورا.