المعنى على ذلك كما حقّقنا في موضعه.
قال ابن عرفة : الإحصان في كلام العرب : المنع ، والمرأة تكون محصنة بالإسلام ، لأنّ الإسلام منعها مما أباحه الله تعالى ، ومحصنة بالعفاف والحريّة ، ومحصنة بالتّزويج. يقال : أحصن الرجل ، فهو محصن إذا تزوّج ودخل بها ، وأحصنت هي فهي محصنة ، ويجوز محصن ومحصنة ، ومنه قوله : (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ)(١) قلت : يعني أنه كان القياس أحصن الرجل والمرأة ، فهو محصن ومحصنة ـ بكسر الصاد ـ فقط لكونه اسم فاعل ، إلا أنه شذّ فتحه كما شذّ في ألفج فهو ملفج (٢). وأمّا المرأة فيقال فيها محصنة أي مجعولة كالحصون.
ودرع حصينة (٣) لتحصينها البدن ؛ قال تعالى : (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ)(٤) قيل : عمل الدروع. وفرس حصان لتحصّن راكبه به ، وإليه أشار من قال (٥) : [من الكامل]
[أنّ] الحصون الخيل لا مدر القرى
وامرأة حصان : ممنّعة من الريب. وقالت عاتكة : «إنّي حصان فما أكلم وصناع فما أعلم». الصّناع ضدّ الخرقاء. وقال حسان في شأن أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها (٦) : [من الطويل]
__________________
ـ قيس من أعلام التابعين) «المحصنات» بالكسر في القرآن كله إلا قوله : «والمحصنات من النساء» لأنها ذات الزوج من سبايا المشركين (معاني القرآن للفراء : ١ / ٢٦٠) بينما الراغب (المفردات : ١٢١) يرى احتمال الوجهين إلا في هذه.
(١) ٢٤ / النساء : ٤.
(٢) روى الأزهري عن ابن الأعرابي أنه قال : كلام العرب كله على أفعل فهو مفعل إلا ثلاثة أحرف : أحصن فهو محصن ، وألفح فهو ملفج ، وأسهب فهو مسهب. وزاد ابن سيده : أسهم فهو مسهم (اللسان ـ مادة حصن) و (النهاية : ١ / ٣٩٧).
(٣) كما يقال : درع حصين.
(٤) ٨٠ / الأنبياء : ٢١.
(٥) عجز بيت للجعفيّ ، وصدره (اللسان ـ حصن) :
ولقد علمت على توقّيّ الرّدى
(٦) مطلع قطعة مدح بها السيدة عائشة (ديوان حسان : ١ / ٢٩٢).