بعد ما كان ، قاله الراغب (١) ، وهو حسن إلا قوله : وحار في الأمر وتحيّر ؛ فإنّ هذا من مادّة الياء لا الواو كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
والحوار والمحاورة : المراجعة والمرادّة في الكلام ، ومنه قوله تعالى : (وَهُوَ يُحاوِرُهُ)(٢) : أي يخاصمه لأنّ كلامه مما يرجع على مخاصمه كلامه ويردّه إليه. وقوله : (وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما)(٣) : أي ترادّكما في الكلام. وكلّمته فما رجع إليّ حوار ولا حوير أي جوابا. وما [يعيش بأحور أي بعقل](٤). وعن عليّ رضي الله عنه : «والله لا أرمم حتى يرجع إليكما ابناكما بحور ما بعثتما به» (٥) أي بجواب. وقيل : أراد بالخيبة. وأصل الحور : الرجوع إلى النّقص.
قوله تعالى : (قالَ الْحَوارِيُّونَ)(٦) الحواريون : الأنصار ، وغلب على أنصار الأنبياء. والحواريّون الواردون في القرآن أخصّ من ذلك ، وهم أنصار عيسى ؛ قيل : سمّوا بذلك لأنّهم كانوا قصّارين يبيّضون الثياب ، والمادة تدلّ على التّبييض ؛ يقال : حوّرت الثوب : أي بيّضت. وقيل لنساء الحاضرة : الحواريّات ، لبياض ألوانهنّ وثيابهنّ ، قال أبو جلدة اليشكريّ (٧) : [من الطويل]
فقل للحواريّات يبكين غيرنا |
|
ولا تبكنا إلا الكلاب النّوابح |
والحور العين من ذلك ، وهنّ من في أعينهنّ حوار ؛ قيل : بياض ، وهو زيّ مستحسن. وأحورت عينه : أي صارت كذلك. والحور : جمع حوراء وأحور. والذي في
__________________
(١) في المفردات : ١٣٥.
(٢) ٣٤ / الكهف : ١٨.
(٣) ١ / المجادلة : ٥٨.
(٤) بياض في الأصل ، والتصويب من المفردات : ١٣٥. وفي اللسان الكلام منسوب إلى أبي عمرو (مادة ـ حور).
(٥) النهاية : ١ / ٤٥٨ ، اللسان ـ مادة حور ، وليس فيهما القسم.
(٦) ٥٢ / آل عمران : ٣ ، وغيرها.
(٧) البيت ـ وبيت آخر ـ من شواهد ابن منظور ـ مادة حور. وانظر ترجمة الشاعر في الشعر والشعراء : ٦١٩ ، الأغاني : ١١ / ٣١٠.