والأخ في الأصل من ولده أبواك أو أحدهما. ويطلق أيضا على الأخ من الرّضاع. ويستعار الأخ في كلّ مشارك لغيره في القبيلة أو الصّنعة أو الدّين أو المعاملة أو المودّة أو غيرها من المناسبات. قال ابن عرفة : الأخوة إذا كانت في غير الولادة كانت للمشاكلة والاجتماع في الفعل نحو : هذا الثوب أخو هذا. قوله تعالى : (كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ)(١) ، أي مشاكلوهم. وقوله : (كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ)(٢) أي لمن شاركهم في الكفر. وقوله : (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ)(٣) تنبيه على نفي المخالفة من بينهم. وقوله : (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً)(٤) ونحوه فيه تنبيه على أنه بمنزلة الأخ في الشفقة عليهم. وهذا أحسن من قول الهرويّ لأنه وإياهم ينسبون إلى أب واحد. وقوله : (يا أُخْتَ هارُونَ)(٥) قيل : يا أخته في الصلاح والعفّة (٦) لرجل كان اسمه هارون موصوفا بذلك ؛ قالوه من باب التهكّم. وقيل : بل كان لها أخ من النّسب يسمى هارون. وقوله : (وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها)(٧) أي من الآية التي تقدّمتها (٨) ، وجعلها أختها لمشاركتها لها في الصّحّة والصّدق والإبانة ، والمعنى أنهنّ موصوفات بالكبر لا يكدن يتفاوتن فيه. وكذلك العادة في الأبناء الذين يتقاربون في الفضل ، وتتفاوت منازلهم فيه التفاوت اليسير. ومثله قول الحماسيّ (٩) : [من البسيط]
من تلق منهم نقل : لاقيت سيّدهم |
|
مثل النجوم التي يهدى بها السّاري |
وقوله : (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها)(١٠) إشارة إلى مشاركتهم في الولاية ، كقوله :
__________________
(١) ٢٧ / الإسراء : ١٧.
(٢) ١٥٦ / آل عمران : ٣.
(٣) ٤٧ / الحجر : ١٥.
(٤) ٦٥ / الأعراف : ٧.
(٥) ٢٨ / مريم : ١٩.
(٦) لا في النسب.
(٧) ٤٨ / الزخرف : ٤٣.
(٨) في الأصل : الآية المتقدّمتها ، وصوّبنا الجملة للسياق.
(٩) البيت للعرندس أحد بني أبي بكر بن كلاب (شرح ديوان الحماسة : القسم الرابع ص : ١٥٩٥). وفيه : يسري بها الساري.
(١٠) ٣ / الأعراف : ٧.