ذلك : إنّه لا يجوز أن يكون في كلام الله تعالى وكلام نبيّه صلىاللهعليهوآله تناقض وتضادّ ، وقد قال تعالى (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) (١) وقال (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (٢) وقال (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) (٣) وقال «فيه تبيان لكلّ شيء» وقال (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) (٤) فكيف يجوز أن يصفه بأنّه عربيّ مبين ، وأنّه بلسان قومه ، وأنّه بيان للناس ولا يفهم بظاهره شيء ، وهل ذلك إلّا وصف له باللغز (٥) والمعمّى (٦) الّذي لا يفهم المراد به إلّا بعد تفسيره؟ وذلك منزّه عن القرآن ، وقد مدح الله تعالى أقواما على استخراج معاني القرآن فقال (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (٧) وقال تعالى في قوم يذمّهم حيث لم يتدبّروا القرآن ولم يتفكّروا في معانيه (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) (٨) وقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : إنّى مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي فبيّن أنّ الكتاب حجّة كما أنّ العترة حجّة ، وكيف يكون حجّة ما لا يفهم
__________________
(١) الزخرف ـ ٣
(٢) الشعراء ـ ١٩٥.
(٣) إبراهيم ـ ٤.
(٤) الأنعام ـ ٣٨.
(٥) في اللسان (ل غ ز) ص ٤٠٥ ج ٥ ط بيروت اللغز واللغز واللغز : ما الغز من كلام فشبه معناه مثل قول الشاعر :
ولما رأيت النسر عن ابن داية
أراد بالنسر الشيب شبهه به لبياضه ، وشبه الشباب بابن داية ، وهو الغراب الأسود لان شعر الشباب أسود ، واللغز من الكلام الملبس ، وقد ألغز في كلامه يلغز إلغازا إذا ورد فيه وعرض ليخفى.
(٦) قال في اللسان ص ١٠٠ ج ١٥ ط بيروت : التعمية ، أن تلبس على الإنسان شيئا فتلبسه عليه تلبيسا ، وعميت معنى البيت تعمية ، ومنه المعمى من الشعر.
(٧) النساء ـ ٨٣.
(٨) محمد ـ ٢٤.