وقد اختلف في معنى إرثهم. فقيل : إنّهم يرثون من الكفّار منازلهم فيها حيث فوّتوها على أنفسهم فقد روى عنه صلىاللهعليهوآله إنّه قال : ما منكم أحد إلّا وله منزلان : منزل في الجنّة ، ومنزل في النار. فإن مات على الضلال ورث منزله أهل الجنّة ، وإن مات على الإيمان ورث هو منزل أهل النار من الجنّة ، وقيل : إنّ معنى الميراث هنا أنّهم صائرون إلى الجنّة بعد الأحوال المتقدّمة وينتهي أمرهم إليها كما يؤول أمر الوارث إلى صيرورة ما يرثه عنده ، وقيل : إنّ الجنّة كانت مسكن أبينا آدم فإذا انتقلت إلى أولاده كان شبيها بالميراث.
(هُمْ فِيها خالِدُونَ) أنّث الضمير الراجع إلى الفردوس لأنّها اسم للجنّة على ما عرفت فلينظر العاقل بعين البصيرة إلى ما حثّ الله تعالى عليه من أمر الصلاة بإيقاعها على وجه الخشوع والخضوع والمحافظة على أوقاتها على الوجه المتقدّم ، وما وعد فاعلها من الفوز ، وأنت إذا نظرت إلى كلامه تعالى وجدت الاهتمام بشأن الصلاة والحثّ عليها في مواضع عديدة على وجه لم يبلغ إليه شيء من الواجبات غيرها وهو دليل على عظمة قدرها عند الله ، وفي الحديث الصحيح عنهم عليهمالسلام أنّه لم يتقرّب العبد بشيء بعد المعرفة أفضل من الصلاة (١) فيجب على المكلّف الاهتمام بشأنها كما اهتمّ تعالى بالحثّ عليها والدعاء إليها.
__________________
(١) انظر جامع أحاديث الشيعة ج ٢ ص ٢ الرقم ١ ـ ٢ ـ ٣.