هارون ، وظاهر أنّ هارون كان متصرّفا في أمر دينه بأمره الحقّ مع الاحتياج إليه. فيكون هو عليهالسلام كذلك أيضا ، ويلزم منه استمرار الحكم إلى بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآله والبيضاوي بعد أن قطع بنزولها في علىّ عليهالسلام قال : واستدلّ بها الشيعة على إمامته زاعمين أنّ المراد بالوليّ المتولّي للأمور والمستحقّ للتصرّف فيهم ، والظاهر ما ذكرناه وأراد به كونه بمعنى المحبّ لأنّه ذكره بعد النهي عن موالاة الكفّار بهذا المعنى. ثمّ قال : مع أنّ حمل الجمع على الواحد أيضا خلاف الظاهر وإن صحّ أنّه نزل فيه لترغيب الناس في مثل فعله فيندرجوا فيه (١).
ولا يخفى ضعف ما ذكره فإنّه بعد أن حكم بنزولها في عليّ عليهالسلام لا وجه لحمل الولاية على الموالاة في الدين والمحبّة لأنّه لا تخصيص في هذا المعنى لمؤمن دون آخر بل المؤمنون كلّهم مشتركون في هذا المعنى كما قال تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) (٢) ولأنّ الظاهر الولاية الثابتة هنا بمعنى الولاية الثابتة في الله والرسول على ما عرفت ، وما ذكره من أنّ حمل الجمع على الواحد خلاف الظاهر ينافي أوّل كلامه من حكمه بنزولها في حقّ عليّ عليهالسلام كما لا يخفى على أنّ التعبير بلفظ الجمع عن الواحد على سبيل التفخيم والتعظيم شائع بين أهل اللغة وهو في كلامهم أشهر من أن يحتاج إلى الاستدلال عليه (٣) ، ووجه آخر في الدلالة على أنّ الولاية بهذا المعنى مختصّة
__________________
(١) انظر البيضاوي ص ١٥٤ ط المطبعة العثمانية.
(٢) التوبة ٢٦.
(٣) وقد اعترف القاضي نفسه في مواقع من تفسيره انظر ط المطبعة العثمانية ١٣٠٥ ففي ص ٤٦ تفسير الآية ٢١٥ من سورة البقرة (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ) أن السائل كان عمرو بن الجموح ، وفي ص ٩٣ تفسير الآية ٢٧٤ من سورة البقرة (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ) أنها نزلت في أبي بكر ، وقيل : في على (ع) وفي ص ٩٦ تفسير الآية ١٧٣ من سورة آل عمران (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) إن المراد عبد قيس أو نعيم بن مسعود ، وفيه وأطلق عليه الناس لانه من جنسه كما يقال : فلان يركب الخيل وما له إلا فرس واحد ، وفي ص ٩٨ تفسير الآية ١٨٢ سورة آل عمران (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا) أنه فنحاص بن ـ