فقال بعضهم لبعض : ما تقولون في هذه الآية إن كفرنا بها نكفر بسائرها وإن آمنّا فإنّ هذا ذلّ حين يسلّط علينا ابن أبي طالب فقالوا : قد علمنا أنّ محمّدا صادق فيما يقول ولكنّا نتولّاه ولا نطيع عليّا فيما أمرنا قال : فنزلت هذه الآية (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها) يعنى ولاية عليّ عليهالسلام وأكثرهم الكافرون بالولاية.
فلينظر المنصف بعين البصيرة فيما لهؤلاء من الحقد المبطون في أحشائهم وأنّهم يروّجون الباطل ويرون نزول بعض الآيات في حقّ صاحبهم فيحتجّون بها ، وليس من ذلك عين ولا أثر وإنّما هو تمويه منهم ، ويتركون النصّ القاطع ويأوّلونه بحسب ما تهوى أنفسهم ـ نعوذ بالله من مخالفة الله ورسوله ـ واستيفاء ما تعلّق بذلك الكلام يوجب التطويل. فمن أراده وقف عليه في مظانّه.
وفي الآية الكريمة دلالة على أنّ الفعل القليل لا يبطل الصلاة ، وبها استدلّ أهل العلم على ذلك كما قاله الواحدي في تفسيره. إذ الظاهر أنّ الخاتم كان مرجا في خنصره عليهالسلام فلم يتكلّف لخلعه إلى كثير عمل يوجب فساد الصلاة ، وقد ذكر ذلك صاحب الكشّاف وغيره.
وقد حدّ أصحابنا الفعل الكثير الموجب للبطلان لما يخرج فاعله عن كونه مصلّيا عرفا ، ومنه يظهر أنّ القليل مالا يكون كذلك ، وقد روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قتل عقربا في الصلاة (١) ، وأمر بقتل الأسودين : الحيّة والعقرب فيها (٢) ، وتمام تفاصيل
__________________
ـ النحل مكية بل فيه اختلاف كثير انظر الإتقان ج ١ من ص ٨ إلى ٢٠ النوع الأول والثاني والبرهان للزركشى ج ١ من ص ١٨٧ إلى ٢٠٥ والتبيان ج ٢ ص ١٦٦ ومجمع البيان ج ٣ ص ٣٤٧.
والأشهر الأعرف أنها مكية إلى آخر الآية ٤٠ ومن الآية ٤١ (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) إلى آخر السورة مدنية ، وقد تكرر ذكر ذلك في الإتقان والبرهان ونقله في الإتقان عن قتادة وعن جابر بن زيد.
(١) رواه في البحار ج ١٤ ص ٥٣٣ عن المحاسن وروى البيهقي في ج ٢ ص ٢٦٦ إن عليا (ع) قتل في الصلاة عقربا فلم ير رسول الله (ص) يقتله إياها بأسا.
(٢) انظر المنتقى بشرح نيل الأوطار ج ٢ ص ٣٥٣ وفيه رواه الخمسة ، وصححه الترمذي ـ