ذلك يعلم من الفروع.
وقد يستدلّ بها أيضا على أنّ رفع الزكاة إلى السائل في الصلاة جائز مع نيّة الزكاة كما قاله في مجمع البيان. إذ الظاهر أنّ ذلك العمل وقع بنيّة ويلزم من ذلك صحّة نيّة الزكاة احتسابا على الفقير الغائب ، وصحّة نيّة الصوم في الصلاة الليليّة ونحو ذلك ممّا لا يتوقّف النيّة فيه على مقارنة فعل من الأفعال المنافية للصلاة.
وفيها أيضا دلالة على صحّة تسمية الصدقة المندوبة زكاة. إذ الظاهر أنّ الّذي فعله عليهالسلام كان تصدّقا مندوبا فإنّ الزكاة الواجبة لا يجوز تأخيرها ولو كان ذلك زكاة واجبة لأمكن الاستدلال بها على جواز تأخيرها في الجملة وعلى جواز إخراج القيمة لكن ذلك غير معلوم ولا أظنّ أحدا من المفسّرين حملها عليه ، والله العالم بحقائق الأحكام.
الرابعة : (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى) (١).
(إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي) بدل ممّا يوحى قبله دالّ على أنّ الوحي مقصود على التوحيد الّذي هو منتهى العلم ، والأمر بالعبادة الّتي هي كمال العمل (وَأَقِمِ الصَّلاةَ) خصّها بالذكر وأفردها بالأمر للعلّة الّتي أناط بها إقامتها وهي قوله :
(لِذِكْرِي) أي لاشتمالها على لذكري وشغل القلب واللسان به ، وقيل : لأنّي ذكرتها في الكتب وأمرت بها ، وقيل : لأن أذكرك بالمدح والثناء ، وقيل : الذكرى خاصّة لا ترائي بها ولا تشوبها بذكر غيري ، وقيل : لأوقات ذكري هي مواقيت الصلاة
__________________
ـ وأخرجه البيهقي أيضا ج ٢ ص ٢٦٦ ورواه في جامع أحاديث الشيعة ج ٢ ص ٤٢٨ الرقم ٣٩٥٢ عن معاني الاخبار ومستدرك الوسائل ج ١ ص ٤٠٥ ومعنى الأسودين : الحية والعقرب.
(١) طه ١٤.