بابويه (١) عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : كلّما فات بالليل فاقضه بالنهار قال الله تبارك وتعالى (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً) يعني أنّه يقضى الرجل ما فاته بالليل بالنهار وما فاته بالنهار بالليل ، وإلى ذلك يذهب أكثر الأصحاب ويؤيّد أنّ في ذلك مبادرة إلى فعل الطاعة ، ومسارعة إلى الخير فيكون مندوبا إليه.
وقال ابن الجنيد : المستحبّ أن يقضى ما فاته الليل بالليل ، وما فاته النهار بالنهار إلى أن يزيد زوال الشمس ثمانية أقدام على زوال يومها محتجّا بصحيحة معاوية بن عمّار (٢) قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : اقض ما فاتك من صلاة النهار بالنهار ، وما فاتك من صلاة الليل بالليل قلت : أقضى وترين في ليلة؟ فقال : نعم اقض وترا أبدا ، والحقّ أنّ قول ابن الجنيد غير بعيد.
ودلالة الآية على ما قالوه غير واضحة لاحتمال ما تقدّم من الوجوه ، والخبر الّذي رواه ابن بابويه غير واضح الصحّة ، وحمل الأمر في الرواية الصحيحة على الإباحة بعيد ، وادّعى العلّامة كونه للندب ليس أولى من الإباحة لا يخفى ما فيه. إذ الندب أقرب إلى الوجوب من الإباحة فمع تعذّر الوجوب يحمل على الندب ، فلا نسلّم أنّ غير ذلك ينافي المبادرة. فتأمّل.
السادسة : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣).
__________________
(١) رواه في الفقيه ج ١ ص ٣١٥ بالرقم ١٣٢٨ وللحديث تتمة لم يذكرها المصنف ، وانظر أيضا جامع أحاديث الشيعة ج ٢ ص ٩٥ الرقم ٨١٣.
(٢) رواه في الكافي باب تقديم النوافل وتأخيرها الحديث الثالث ، وهو في المرآة ج ٣ ص ١٧٢ ، ورواه عن الكليني في التهذيب ج ٢ ص ١٦٢ بالرقم ٣٦٨ وبطريق آخر في ج ٣ ص ١٦٨ الرقم ٣٦٨ ورواه في منتقى الجمان ج ٢ ص ٥٨.
(٣) التوبة ٥.