السابعة : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (١).
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) ظاهرها الأمر بالعبادة المتعلّقة بأفعال الجوارح ونقل عن ابن عبّاس أنّه قال : معناه وحّدوه. وقال الشيخ في التبيان : والأقوى حمله على عمومه في كلّ ما هو عبادة لله من معرفته ومعرفة أنبيائه ، والعمل بما أوجبه عليهم وندبهم إليه ، والخطاب متوجّه إلى جميع الناس مؤمنهم وكافرهم إلّا من كان غير مكلّف من الأطفال والمجانين ، وما يروي عن ابن عبّاس والحسن أنّ ما في القرآن من يا أيّها الناس فمكّى ، ويا أيّها الّذين آمنوا فمدنيّ إن صحّ (٢) لا يوجب التخصيص بالكفّار
__________________
(١) البقرة ٢١.
(٢) قال الزركشي في البرهان ج ١ ص ١٨٩ ما نصه : وذكر ابن أبي شيبة في مصنفه في كتاب فضائل القرآن حدثنا وكيع عن الأعمش عن علقمة قال : كل شيء نزل فيه يا أيها الناس فهو بمكة ، وكل شيء نزل فيه يا أيها الذين آمنوا فهو بالمدينة ، وهذا مرسل قد أسند عن عبد الله بن مسعود ، ورواه الحاكم في مستدركة في آخر كتاب الهجرة عن يحيى بن معين قال : حدثنا وكيع عن أبيه عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود به.
ورواه البيهقي في أواخر دلائل النبوة ، وكذا رواه البزار في مسنده ثم قال : وهذا يرويه غير قيس عن علقمة مرسلا ولا نعلم أحدا أسنده الا قيس. انتهى. ورواه ابن مردويه في تفسيره في سورة الحج عن علقمة عن أبيه وذكر في آخر الكتاب عن عروة بن الزبير نحوه ، وقد نص على هذا القول جماعة من الأئمة منهم أحمد بن حنبل وغيره وبه قال كثير من المفسرين ونقله ابن عباس ، وهذا القول إن أخذ على إطلاقه ففيه نظر فإن سورة البقرة مدنية ، وفيها (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) ، وفيها (يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً) ، وسورة النساء مدنية ، وفيها (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ) ، وفيها (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ) ، وسورة الحج مكية وفيها (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) فإن أراد المفسرون إن الغالب ذلك فهو صحيح ، ـ