أولى لأنّ ظاهر الآية الاكتفاء بمجرّد صدق السفر خرج عنه ما دون الثمانية بالإجماع فيبقى الباقي لأنّ التخصيص كلّما كان أقلّ فهو أولى ولا يرد الأربعة لأنّ الكلام في تحتّم القصر والتخيير فيها لدليل لا ينافيه كما يعلم من محلّه ، وأيضا ظاهر الآية أنّ مجرّد الخروج إلى السفر وصدق الضرب سبب موجب للقصر ولكن حدّده أكثر الأصحاب بالوصول إلى موضع لا يسمع فيه الأذان ، ولا يرى الجدران ، واكتفى بعضهم بأحدهما.
وقال آخرون : يكفى مجرّد الخروج من موضعه ، ولكلّ شاهد من الأخبار قيّد ظاهر الآية على ما يعلم تفصيله من محلّه.
(إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) شرط خرج مخرج الغالب في ذلك الوقت (١) ومن ثمّ لم يعتبر مفهومه.
فإنّ المفهوم إنّما يعتبر إذا لم يظهر فايدة للتقييد سواه كما بيّن. والفائدة هنا كونه أغلبيّا في وقت النزول فإنّ غالب أسفار النبيّ صلىاللهعليهوآله وأكثرها لم يخل من خوف قتال الكفّار وأمثاله في القرآن كثير نحو (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) وقوله تعالى (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) فلا يصحّ التمسّك بها في ذلك الوقت ، وقد تظافرت الأخبار وانعقد إجماعنا على أنّ السفر مستقلّ في وجوب القصر من غير مدخليّة الخوف منه كما أنّ الخوف مستقلّ في القصر أيضا.
وقد روي عن الباقر عليهالسلام أنّه سئل عن صلاة الخوف وصلاة السفر تقصّران جميعا فقال : نعم وصلاة الخوف أحقّ أن تقصّر من صلاة السفر الّذي ليس به خوف بانفراده (٢) وهذا عند أكثر أصحابنا ، وسيجيء بيانه إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) قال في الحدائق ج ١١ ص ٢٦٦ ويؤيد ما ذكرناه القراءة بترك إن خفتم قلت. نقل هذه القراءة في المجمع ج ٢ ص ١٠١ وفتح القدير ج ١ ص ٤٧٠ عن أبى بن كعب ، ونقل الاركاتى في نثر المرجان ج ١ ص ٦٥٣ عن عبد الله بن مسعود.
(٢) رواه في الفقيه ج ١ ص ٢٩٤ الرقم ١٣٤٢ والضبط لان فيها خوفا [وكذا في الوسائل ـ