وقتها على ذلك التقدير ، وعلى هذا علماؤنا أجمع ، وقال الشافعي : إن تتابع الطعن أو الضرب أو المشي أو فعل ما يطول بطلت الصلاة لأنّ الفعل الطويل مبطل حال الأمن فكذا حال الشدّة كالحدث ، وقال أبو حنيفة : لا يصلّى حال المشي ولا حال المسايفة ، وإن حضر وقت الصلاة بل يؤخّرها إلى أن يتمكّن من الوقوف محتجّا عليه بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يصلّ يوم الخندق ، وأخّرها لهذه العلّة ، والخبر غير معلوم الصحّة (١) بل نقل في التبيان أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله صلّى يوم الأحزاب إيماء ، ويوم الأحزاب هو يوم الخندق (٢) والترجيح لرواية الثبوت ولو سلّم فقد نقل أبو سعيد الخدري أنّه كان قبل نزول الآية وإنّ آية الخوف نزلت بعد واقعة الخندق (٣) ويؤيّده أنّ ذلك اليوم لم يكن هناك مسايفة تبطل الصلاة ، ويجاب عمّا ذكره الشافعي أنّه عمل أبيح من أجل الخوف فأشبه استدبار القبلة والركوب والإيماء ، ولأنّ أحد الأمور ثابت على تقدير الاحتياج إلى الفعل الكثير أمّا تأخير الصلاة عن وقتها وهو باطل بالإجماع منّا ومنه ، وأمّا ترك القتال وهو باطل أيضا بالإجماع وبقوله (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) وأمّا فعل الصلاة وهو المطلوب ، ومعه لا وجه للبطلان ، وإطلاق الخوف في الآية مقيّد بالخوف الّذي يعذر فيه كالخوف في القتال الواجب مع الكفّار أو مع أهل البغي أو لدفع الضرر عن النفس أو عن حيوان محترم أو عن المال ، ومثله الخوف الحاصل من السبع أو الحرق أو الغرق أو المطالب إذا كان معسرا خائفا من الحبس عاجزا عن بيّنة الإعسار. فلو لم يكن
__________________
(١) مر الكلام فيه ص ٢٧٧
(٢) انظر المجمع ج ١ ص ٣٤٤ تفسير الآية ٢٣٩ من سورة البقرة ، ورواه الشيخ أيضا في التبيان تفسير آية البقرة ج ١ ص ٢٥٤ ط إيران.
(٣) انظر المنتقى بشرح نيل الأوطار ج ٢ ص ٣١ أخرجه عن أحمد والنسائي ونقل الشوكانى عند شرحه رواية الطحاوي وابن خزيمة وابن حبان له أيضا ، وانظر أيضا سنن البيهقي ج ٣ ص ٢٥١ وشرح معاني الآثار للطحاوى ط المكتبة الرحيمية الواقعة في الديوبند پويى ج ١ ص ١٥٨.