التاسعة : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) (١).
(فَإِنْ خِفْتُمْ) قدّم سبحانه على هذه الآية وجوب المحافظة على الصلوات وإيقاعها على الوجه المعتبر فيها. ثمّ عقّبه بذكر الرخصة عند عروض الخوف. فكأنّه قال : يجب عليكم المحافظة على الصلوات بأداء أركانها وتوفية حقّها. والقيام لله قانتين فيها إن أمكنكم ذلك ، وإن لم يمكنكم توفية حقّها وخفتم عدوّا أو غيره.
(فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) فمفعول خفتم محذوف للعلم به ، ويحتمل أن يكون منزلا منزلة اللازم : أي إن حصل لكم خوف ، ونصبهما على الحالية : أي فصلّوا راجلين أو راكبين ، ورجال جمع راجل أو رجل بمعناه كقائم وقيام ، والمراد وجوب الصلاة على كلّ حال يمكنهم من المشي والركوب إلى جهة القبلة وغيرها ، ورواه الجمهور عن ابن عمر أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : فإن كان خوفا أشدّ من ذلك صلّوا رجالا قياما على أقدامهم ، أو ركبانا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها (٢) ونحوه من الأخبار ، وكذا يصلّون بالقيام والركوع والسجود إن أمكن وإلّا فبالإيماء ، وإلّا فبالنيّة ، والتكبير والتشهّد والتسليم ، ويجب تحرّى المقدور من ذلك فلو أمكن الاستقبال والإتيان بالأفعال وجب ، وإلّا استقبل ببعضها وإلّا فبالتكبيرة ، وإلّا سقط ، وفي الآية إجمال في ذلك ، وتفصيله يعلم من الأخبار ، وفيها دلالة واضحة على وجوب الصلاة حال المسايفة والمشي والاضطراب في المعركة إذا حضر وقتها ، وعدم جواز تأخيرها عن
__________________
(١) البقرة ٢٣٩.
(٢) انظر الأم للشافعي ج ١ ص ٢٢٢ وفيه عن ابن عمر أنه ذكر صلاة الخوف فساقها ثم قال : فان كان خوفا أشد من ذلك صلوا رجالا أو ركبانا مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها قال مالك : لا أراه يذكر ذلك إلا عن النبي وانظر الموطأ بشرح الزرقانى ج ١ ص ٣٧١ الرقم ٤٤٣.