من الصواب لهذه الرواية.
قال : وإنّما قيّدناه ذلك بالخروج بعد الزوال جمعا بين الأخبار ، واستبعد بعضهم هذا الحمل نظرا إلى إطلاق الرواية ثمّ قال : ولو قيل : بالتخيير مطلقا إذ خرج المسافر بعد أن أصبح كان وجها قويّا وبه يحصل الجمع بين الروايات المختلفة ، وكأنّه يحمل ما دلّ على التفصيل على الاستحباب ، وفيه نظر ، ويمكن حمله على أنّ المراد إن شاء أبطل السفر ورجع عن نيّته وصام ، فإن شاء التزم السفر وأفطر ، وإن شاء خرج بعد الزوال فيصوم ، وإن شاء خرج قبله فيفطر فهو مخيّر بين الإفطار والصوم على هذا الوجه ، ويرجع إلى الأخبار المفصّلة الدالّة على ذلك بحمل المطلق على المقيّد.
(فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) أي فعليه أو فالواجب عدّة أيّام المرض والسفر فهو إمّا مبتدا حذف خبره أو العكس ، وعلى قراءة النصب تقديرها فليصم عدّة ، وظاهر الكلام يعطى عدم إجزاء الصوم من المريض أو المسافر لأنّهما إنّما امرا بصيام العدّة من الأيّام الأخر فلا يجزئهما الصيام حال السفر والمرض لأنّهما لم يؤمرا به فلا يحصل بفعله الخروج عن العهدة بل قد يظهر منها عدم جوازه لأنّ تقدير الكلام فليصم غير هذه الأيّام ، وهذا يستلزم كون الصيام فيها خلاف المأمور به فيكون حراما ، ويؤيّده ما روى عن النبيّ صلىاللهعليهوآله الصائم في السفر كالمفطر في الحضر (١) ومثل ذلك روي أئمّتنا
__________________
(١) رواه ابن ماجة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن رسول الله بلفظ صائم رمضان في السفر كالمفطر في الحضر ص ٥٣٢ الرقم ١٦٦٦ ورواه النسائي بلفظ الصائم في السفر كالمفطر في الحضر ، وبلفظ الصيام في السفر كالافطار في الحضر ج ٤ ص ١٨٣ وأخرجه المنذرى في الترغيب والترهيب ج ٢ ص ١٢٤ ، وأخرجه أيضا الطبري ج ٢ ص ١٥٢ والسيوطي في الدر المنثور ج ١ ص ١٩١ ، وأخرجه أيضا ابن حزم في المحلى ج ٦ ص ٥٥٩ و ٥٦٠ وفيه : «ومن العجب أن أبا حنيفة لا يجزى عنده إتمام الصلاة في السفر ومالك يرى في ذلك الإعادة في الوقت ثم يختارون الصوم في السفر على الفطر تناقضا لا معنى له وخلافا لنص القرآن وللقياس الذي يدعون له السنن». وأنظر أيضا تعاليقنا على كنز العرفان ج ١ من ص ٢٠٦ إلى ٢١٠.