بينهما بحيث يقدر على القضاء لكنّه تركه سواء كان غير متوان به أو عازما عليه فهو قول جماعة من الأصحاب ، وآخرون قالوا : بالفرق بين التواني وعدمه فأوجبوا الفدية في الأوّل لا في الثاني مستدلّين عليه بأنّه مع عدم التواني لا يكون مفرطا في واجب فإنّه عازم على إيقاعه ، وإنّما أخّره لسعة الوقت. ثمّ حصل له مانع مثل حيض أو مرض أو سفر ضروري فلا يناسب حاله وجوب الفدية لأنّها عقوبة ولم يصدر منه ما يوجبها ، وبحسنة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام.
وقد سلفت حيث علّقت الصدقة فيها على التواني وهو يشعر بالعليّة لأنّه وصف صالح ، وقد قارن حكما يحسن ترتّبه عليه فينتفى مع انتفائه ، وبما رواه أبو بصير (١) عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إذا مرض الرجل من رمضان إلى رمضان. ثمّ صحّ فإنّما عليه لكلّ يوم أفطر فدية طعام هو مدّ لكلّ مسكين ، وإن صحّ فيما بين الرمضانين فإنّما عليه أن يقضى الصيام فإن تهاون به وقد صحّ فعليه الصدقة والصيام جميعا لكلّ يوم مدّ إذا فرغ من ذلك الرمضان.
وفيه نظر فإنّ التفريط وعدمه لا يؤثّر في اختلاف الحكم مع قيام الدليل عليه وحسنة بن مسلم غير ظاهرة فيما قالوه بل الظاهر منها خلافه. إذ لا يراد من التواني في الفعل سوى عدم الإتيان به سواء كان عازما عليه أولا ، ويؤيّد ذلك ما في صحيحة زرارة المتقدّمة وغيرها من الأخبار بحيث جعل الصحّة فيما بين الرمضانين مقابلا لاستمرار المرض ، وهو ظاهر في ثبوت الفدية على من صحّ وتمكّن من الصيام بين الرمضانين ، ولم يفعله سواء كان عازما عليه أو لم يكن ، ورواية أبي بصير مع ضعفها (٢) غير ظاهرة
__________________
(١) التهذيب ج ٤ ص ٢٥١ الرقم ٧٤٦ والاستبصار ج ٢ ص ١١١ الرقم ٣٦٤ وفيهما بين قوله : لكل مسكين ، وقوله : وإن صح «قال : فكذلك أيضا في كفارة اليمين وكفارة الظهار مدا مدا».
(٢) فان سند الحديث هكذا «الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن على عن أبى بصير» ومعلوم أن القاسم بن محمد هذا هو الجوهري يروى كثيرا عن أبى بصير بواسطة البطائني وهو واقفي على ما ذكره علماء الرجال (انظر ص ٣٣٥ إتقان المقال وص ٢٦٥ منهج المقال وغيرهما من كتب الرجال).