الله به الناس وفرّق به بين الحقّ والباطل من الكتب السماويّة الفارقة بين الهدى والضلال فإنّ الهدى قسمان : جليّ مكشوف وخفيّ مشتبه فوصفه أوّلا بجنس الهداية ثمّ قال : إنّه من النوع البيّن الواضع ، ويحتمل أن يقال : القرآن هدي في نفسه ومع ذلك ففيه أيضا بيّنات من هدى الكتب المتقدّمة فيكون المراد بالهدي والفرقان التورية والإنجيل أو يقال : الهدى الأوّل أصول الدين ، والثاني فروعه فلا تكرار.
(فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) أي فمن حضر منكم في الشهر ولم يكن مسافرا فليصم فيه ولا يفطر ، والشهر منصوب على الظرفيّة ، وكذا إلها في فليصمه ، ولا يكون منصوبا على أنّه مفعول به كقولك : شهدت الجمعة لأنّ المقيم والمسافر كلاهما شاهدان للشهر كذا في الكشّاف ، وبالجملة فالمراد بالشهود الحضور غير مسافر وكان المراد مع القدرة على الصوم أيضا : أي الصحّة ليقابله قوله :
__________________
ـ الجزء السادس ج ٢ وهو في المرآة ج ٢ ص ٥٣٥ وفيه : «ويمكن أن يكون عدم ذكر الكسر : أى الثلاث مع العشرين للظهور لم يعتد بما نزل في الثلث لقلته أو يكون بعد نزول الكل عشرين سنة» وروى حديث إنزال الكتب المذكورة بشرح ما في الخبر في التهذيب ج ٤ ص ١٩٣ الرقم ٥٥٢ والفقيه ج ٢ ص ١٠٢ الرقم ٤٥٧ والكافي ج ١ ص ٢٠٦ عن أبى بصير عن أبى عبد الله (ع) إلا أن فيه ونزل الفرقان في ليلة القدر والحديث في الوسائل الباب ١٨ من أحكام شهر رمضان الحديث ١٦.
وأخرج حديث إنزال الكتب بنحو ما في العياشي السيوطي في الدر المنثور ج ١ ص ١٨٩ عن أحمد وابن جرير ومحمد بن نصر وابن أبى حاتم والطبراني والبيهقي في شعب الايمان والأصبهاني في الترغيب عن وائلة بن الأسقع عن النبي (ص) وفيه روايات أخر مع تفاوت يسير في ترتيب الانزال ، وفيه أيضا عن ابن جرير عن ابن عباس حديث نزول القرآن جملة إلى البيت المعمور ثم نزوله رسلا رسلا.
وللعلامة الطباطبائي ـ مد ظله ـ في شرح معنى النزولين بيان متين في تفسيره الميزان ج ٢ ص ١٤ وج ٣ ص ٥٤ وله في جواب اعتراضات صاحب المنار على حديث إنزال الكتب في ج ٢ من ص ١٧ إلى ٢١ بيان شاف كاف فراجع.