الطعام والشراب والنساء إلى القابلة. ثمّ إنّ عمر واقع أهله بعد صلاة العشاء الآخرة فلمّا اغتسل لام نفسه فأتى النبيّ صلىاللهعليهوآله واعتذر إليه من نفسه الخاطئة وأخبره بما فعل فقال صلىاللهعليهوآله : ما كنت جديرا بذلك يا عمر. فقام رجال فاعترفوا بما كانوا صنعوا بعد العشاء فنزلت.
«ولا يخفى عليك أنّ الإقدام على المحرّم من مثله بشهادة صاحبيه كاف في اتّصافه بالفسق مع اعترافهما عند قوله (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ) (١) الآية بأنّ الفاسق لا يصلح للإمامة على ما مرّ (٢) وليلة الصيام الليلة الّتي يصبح فيها صائما ، والرفث كناية عن الجماع لأنّه لا يخلوا من رفث ، وهو الإفصاح بما يجب أن يكنى عنه ، وعدّى بإلى لتضمّنه معنى الإفضاء ، ولعلّ التعبير بالرفث الدالّ على معنى القبيح دون غيره من الألفاظ كما وقع في غيرها من الآيات للإشارة إلى تقبيح ما ارتكبوه قبل الإباحة كما سمّاه اختيانا لذلك.
(هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ) استيناف بيّن فيه سبب الإخلال وهو قلّة الصبر عنهنّ وصعوبة اجتنابهنّ لما بينكم وبينهنّ من كثرة المخالطة وشدّة الملابسة ، والكلام على التمثيل شبّه حال الرجل والمرأة بسبب اعتناقهما واشتمال كلّ واحد منهما على صاحبه في عناقه بحال اللباس المشتمل على صاحبه.
(عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ) تظلمونها بتعريضها للعقاب وتنقيص حظّها (٣) من الثواب بسبب كثرة الميل والشهوة ، وقلّة التدبّر في العواقب ، والاختيان
__________________
(١) البقرة ١٢٤.
(٢) انظر ص ١١٧ من هذا الجزء.
(٣) قال السيد الشريف الرضى في ص ١٢ من تلخيص البيان ط بغداد : وهذه استعارة لان خيانة الإنسان نفسه لا تصح على الحقيقة ، وإنما المراد أنه سبحانه خفف عنهم التكليف في ليال القيام بأن أباحهم فيها مع أكل الطعام وشرب الشراب الإفضاء إلى النساء ولو منعهم من ذلك لعلم أن كثيرا منهم يخلع عذار الصبر ويضعف عن مغالبة النفس فيواقع المعصية بفعل ما حضر عليه من غشيان النساء فيكون قد كسب على نفسه العقاب ونقصها الثواب ـ