بعطف خاطب على راحل وجرّه بجوار قيس : فلا يتمّ ما ذكرتم لقلنا : الحكم بكون الجرّ في وحور عين بالجوار بعيد جدّا وإنّما جرّه بالعطف على جنّات : أي وهم في جنّات ، ومصاحبة حور عين أو على أكواب إمّا لأنّ معنى يطوف عليهم ولدان مخلّدون بأكواب يتنعّمون بأكواب كما في الكشّاف وغيره أو لأنّه يطاف بالحور نفسها عليهم مثل ما يجاء بسراري الملوك إليهم على ما قاله في الكواشي وغيره ، ودعوى كونهنّ طائفات بأنفسهنّ لا مطافا بهنّ لم تثبت بها رواية ولا تشهد لها دراية ، وأمّا البيت فبعد تسليم كونه من قصيدة مجرورة القوافي لا نسلّم كون لفظة خاطب فيه اسم فاعل ، ويجوز أن يكون فعل أمر : أي فخاطبني وأجبتني عن سؤالي سلّمنا كونها اسم فاعل لكن نمنع كونها مجرورة إعرابا ، ويجوز أن تكون مرفوعة وأين من نقلها صحيحا إنّها كذلك والاقواء (١) في شعر العرب العاربة [العرباء خ ل (٢)] كثير حتّى قلّ أن يوجد لهم قصيدة
__________________
ـ وهي المراد في هذا البيت ، وبسطام بن قيس بن مسعود الشيباني أبو الصهباء سيد شيبان ، ومن أشهر فرسان العرب في الجاهلية يضرب المثل بفروسيته أدرك الإسلام ، ولم يسلم وقتله الضبي يوم الشقيقة بعد البعثة النبوية. قال الجاحظ : بسطام أفرس من في الجاهلية والإسلام انظر الاعلام ج ٢ ص ٢٤ وسائر المعاجم ، وتوجيه المصنف في الجواب عن البيت وبيانه أمتر ممن احتمل كون خاطب أمرا كما لا يخفى.
(١) الاقواء على ما في اللسان ط بيروت ج ١٥ ص ٢٠٨ اختلاف إعراب القوافي ، وفيه عن الأخفش رفع بيت وجر آخر قال : وقد سمعت هذا من العرب كثيرا لا أحصى ، وقلت قصيدة ينشدونها إلا وفيها إقواء. ثم لا يستنكرونها لانه لا يكسر الشعر وفيه ، وقال ابن جنى أما سمعه الاقواء عن العرب فبحيث لا يرتاب لكن ذلك في اجتماع الرفع مع الجر. فأما مخالطة النصب لواحد منهما فقليل ، وذلك لمفارقة الالف الياء والواو ، ومنابهة كل واحد منهما جميعا أختها ، فمن ذلك قول الحرث بن حلزة :
فملكنا بذلك الناس حتى |
|
ملك المنذر بن ماء السماء |
مع قوله :
آذنتنا ببينها أسماء |
|
رب ثاو يمل منه الثواء |
(٢) العرب العاربة والعرباء : هم الخلص منهم أخذ من لفظه فأكد به للمبالغة كما يقال : ـ