الوضوء منها والموالاة بينها فغير معلومة ، وما استدلّ به بعض علمائنا من جهة دلالة ـ الفاء ـ على تعقيب غسل الوجه للقيام إلى الصلاة ، ومتى ثبت وجوب تقديم غسل الوجه ثبت الترتيب في الباقي لعدم القائل بالفصل بعيد. فإنّ المفيدة للتعقيب هي العاطفة لا الجزائيّة ، ولو سلّم فإنّها تفيد تعقيب القيام إلى الصلاة بالأفعال المذكورة كأنّه قال : إذا قمتم إلى الصلاة فتوضّؤوا ولا دلالة في مثله على الترتيب إلّا أن يقال : إنّ الواو للترتيب ومعه لا حاجة إلى التمسّك بالفاء. وحاول بعضهم استفادته من الآية بوجه آخر حاصله أنّه قد تقرّر في العربيّة أنّ العامل في المتعاطفين واحد وهو هنا فعل الغسل المعنىّ بالمرفقين فليس بعد غسلهما غسل ، والوجه مغسول فيكون غسله قبلهما ، ولا يجوز أن يقدّر اغسلوا ليكون كلمة ـ إلى ـ غاية له وحدة لما عرفت من اتّحاد العامل فيهما ، وكذا نقول : في فعل المسح الواقع على الرأس والرجلين ، وفيه نظر. إذ لا نسلّم مقدّماته سلّمنا لكن لا دلالة فيها على تقديم اليد اليمنى على اليسرى بل ولا تقديم المغسولات على الممسوحات بل ولا تقديم الوجه على اليدين. إذ يتحقّق ما ذكره بتوسط الوجه بينهما وكذا لو وسّط مسح الرأس بين مسح الرجلين على أنّا قد ذكرنا سابقا أنّ ـ إلى ـ لانتهاء المغسول لا الغسل ، وهذا مناف له في الجملة بل غير منطبق على ما يذهب إليه الأكثر من وجوب الابتداء بالمرفق ولا يصار إليه ، وبالجملة استفادة الترتيب من الآية بعيدة نعم ثبت وجوبه عندنا بدليل من خارج كإجماعنا وتضافر أخبارنا (١) به. ثم إنّ تخصيص بعض الأفعال بالغسل وبعضها بالمسح ظاهر في عدم إجزاء أحدهما عن الآخر لأنّ التفصيل قاطع للشركة فعلى هذا يشترط في صحّة المسح عدم تحقّق أقلّ مسمّى الغسل وإلّا صدق الغسل فلا يجزى عن المسح ، وأجيب بأنّ المقابلة جاز أن تكون. باعتبار القصد والنيّة ولا يضرّ خلافه أو باعتبار عدم جواز المسح في المغسول كذا قيل ، و
__________________
(١) تضافروا بالضاد المعجمة ، وتظافروا بالظاء المعجمة ، وتظاهروا بمعنى واحد انظر اللسان [ض ف ر] ص ٤٩٠ ج ٤ ط بيروت. ثم انظر المسألة في تعاليقنا على كنز العرفان ص ٢١ و ٢٢ ج ١ وانظر الاخبار في الوسائل الباب ١٥ ـ ٣٤ ـ ٣٥ وانظر جامع أحاديث الشيعة ص ١٠١ و ١٠٥ و ١٢٠ و ١٢١ و ١٢٤ و ١٢٥.