عبارات الأصحاب لصراحتها في الثاني. فتأمّل هذا.
وقد اعترض العامّة على أصحابنا بأنّه لو كان الكعب عبارة عن العظم الناشر على ظهر القدم لكان ينبغي أن يقول : إلى الكعاب كما قال (إِلَى الْمَرافِقِ). إذ في كلّ رجل على هذا كعب واحد كالمرفق في كلّ يد.
والجواب أنّه كما يصحّ جمع المرفق بالنظر إلى أيدي المكلّفين ، وتثنية الكعب بالنظر إلى كلّ رجل على تقدير صحّة إطلاق الكعب على الظنبوبين ، وإرادتهما كما ذكرتم كذلك يصحّ الجمع في الكعب بالنظر إلى أرجل المكلّفين ، والتثنية بالنظر إلى رجلي كلّ شخص ، والإفراد بالنظر إلى كلّ رجل على ما قلنا ، وكذلك في المرافق على أنّ القياس في هذا المقام بناء على قولكم في الكعب يقتضي خلاف ذلك فإنّ لكلّ شخص حينئذ أربع كعاب فيكون على ضعف المرافق فكان أولى بالجمع.
ويمكن دفع قولهم أيضا بأنّ مسح الرجلين فقد ثبت بإجماع العصابة ، وقد قامت الأدلّة على حجيّته ، ومن قال : بالمسح قال : بأنّ الكعب أحد المعنيين الأوّلين. إذ لم يقل أحد ممّن قال : بالمسح بكون الكعب بالمعنى الثالث فالقول به منفيّ.
تنبيه ظاهر أمره ـ جلّ وعلا ـ المكلّفين بفعل الوضوء يقتضي مباشرة المكلّف أفعال الوضوء بنفسه إذ الظاهر من الأمر بفعل إرادة قيام الفاعل به على الخصوص فإنّ الإسناد على الحقيقة والمجاز خلاف الظاهر يتوقّف على القرينة الصارفة وهي هنا غير معلومة فعلى هذا لا يجوز التولية في الوضوء ولا المشاركة في فعله ، وهو مذهب علماءنا إلّا من ندر (١) وجوّزها العامّة والآية حجّة عليهم. أمّا استفادة الترتيب بين أعضاء
__________________
ـ أبى جعفر ج ١ ص ٣٠٠ الرقم ٥٦ وانظرهما في الوسائل الباب ١٥.
والعرقوب على ما في اللسان : العصب الغليط الموتر فوق عقب الإنسان والظنبوب : حرف الساق اليابس من قدم. وقيل هو الساق. وقيل : هو عظمه
(١) حكاه في المختلف ص ٢٥ عن ابن الجنيد.