وإلى هذا يذهب أبو حنيفة أيضا ، وقال الشافعيّ : إنّ المراد مطلق اللمس لغير محرّم وخصّه مالك بما كان عن شهوة وهما بعيدان.
(فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) عطف على وإن كنتم وحينئذ يتعلّق الجزاء الّذي هو الأمر بالتيمّم عند عدم الماء بالأحوال الأربعة ، وإنّ المرضي إذا عدموا الماء لضعف حركتهم وعجزهم عن الوصول إليه ففرضهم التيمّم ، وكذلك المسافرون إذا عدموه لبعده ، وكذا المحدثون أصغر وأكبر إذا لم يجدوه لبعض أسبابه.
ويكون المراد بعدم وجدان الماء عدم التمكّن من استعماله وإن كان موجودا إذ الممنوع عنه كفاقده فهو غير موجود بالنسبة إليه.
ومن هنا يظهر أنّ ما ذهب إليه الشيخ في النهاية من أنّه إذا اشتبه الإناءان بالنجس وجب إهراقهما والتيمّم نظرا إلى أنّه بدون الإهراق واجد للماء. فلا يباح له التيمّم لاشتراطه بعدم الوجدان بعيد. فإنّ وجوب التيمّم منوط بعدم التمكّن من استعماله ، ولا شكّ أنّ منع الشرع من الاستعمال أقوى الموانع.
وربّما استدلّ الشيخ في ذلك إلى ظاهر روايتي سماعة وعمّار (١) عن الصادق عليهالسلام الدالّتين على وجوب الإهراق والتيمّم ، ويردّه بعد تسليم سندهما (٢) أنّ الأمر بالإراقة جاز أن يكون كناية عن تجنّب استعمالهما للطهارة ، والكناية بالإراقة
__________________
ـ ص ١٢٣ وتفسير الطبري من ص ١٠١ إلى ١٠٣ ج ٥ مع اختلاف في الألفاظ المنقول عن ابن عباس لكن لم يختلفوا أنه يقول : معنى أولا مستم هو الجماع.
(١) انظر رواية سماعة في الاستبصار ج ١ ص ٢١ الرقم ٤٨ والتهذيب ج ١ ص ٢٢٩ الرقم ٦٦٢ وص ٢٤٩ الرقم ٧١٣ والكافي ج ٣ مرآت العقول ص ٩ باب الوضوء من سؤر الدواب الحديث السادس ، وانظر رواية عمار في التهذيب ج ١ ص ٢٤٨ الرقم ٧١٢ وص ٤٠٧ الرقم ١٢٨١ ولفظ التهذيب والاستبصار بعد السؤال عن الإنائين المشتبهين يهريقهما ويتيمم ولفظ الكافي يهريقهما جميعا ويتيمم ، وترى مضمون الحديث في فقه الرضا ص ٥ باب المياه وشربها وانظر الحديث في جامع أحاديث الشيعة ١٨ الرقم ١٥٥.
(٢) فان سماعة واقفي وعمار فطحي.