ورابعا : أنّه يحتمل أن يكون المراد بالنبيذ ما ترك فيه قليل التمر بحيث أزال ملوحة الماء ، ولم يبلغ الشدّة الحاصلة في النبيذ ، وفي أخبارنا ما يدلّ على ذلك روى عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : إنّ أهل المدينة (١) شكوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله تغيّر الماء وفساد طبائعهم فأمرهم أن ينبذوا فكان الرجل يأمر خادمه أن ينبذ فيعمد إلى الكفّ من التمر فيقذف به في الشنّ فمنه شربه ، ومنه طهوره قيل : وكم كان عدد التمر الّذي في الكفّ فقال : ما حمل الكفّ ربّما كان واحدة ، وربّما كان ثنتين. قيل : وكم كان يسع الشنّ؟ فقال : ما بين الأربعين إلى الثمانين إلى فوق ذلك بأرطال مكيال العراق فاندفع الخبر بحذافيره ، وسلم ظاهر الآية من التخصيص.
(ما يُرِيدُ اللهُ) الأمر بالطهارة إلى الصلاة ، والأمر بالتيمّم مع عدم الماء.
(لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) يتضيّق به حالكم فإنّ عادته التسهيل والتخفيف ، وفيها دلالة على أنّ صاحب الجبيرة إذا لم يتمكّن من نزعها ولا إيصال الماء إليها مسح عليها سواء كانت في موضع الغسل أو المسح ، ويؤيّده ما رواه عبد الأعلى مولى آل سام (٢) قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة
__________________
(١) انظر التهذيب ج ١ ص ٢٢٠ الرقم ٦٢٩ والاستبصار ج ١ ص ١٦ الرقم ٢٩ والكافي باب النبيذ وهو في مرآت العقول ج ٤ ص ٩٥ الحديث الثالث وفي الوسائل الباب ٢ من أبواب ماء المضاف ج ٣ والحديث عن الكلبي النسابة وفي الباب حديث آخر عن عبد الله بن المغيرة عن بعض الصادقين إلى أن قال : إن النبي قد توضأ بنبيذ ولم يقدر على الماء المروي في الاستبصار ج ١ ص ١٥ الرقم ٢٨ والتهذيب ج ١ ص ٢١٩ الرقم ٦٢٨ وفي الوسائل ب ٢ من أبواب الوضوء الحديث الأول ، والظاهر أن المراد منه من النبيذ ما ينبذ فيه تمر لكسر مرارة الماء كما تضمنه خبر الكلبي النسابة المار ذكره مع أنه ليس فيه إسناده إلى إمام بل إلى من اعتقده الراوي أنه صادق على الظاهر فلا يستند به.
(٢) رواه العياشي ج ص ٣٠٢ الرقم ٦٦ وليس في آخره امسح عليه ، والاستبصار ج ١ ص ٧٧ الرقم ٢٤٠ والتهذيب ج ١ ص ٣٦٣ الرقم ١٠٩٧ والكافي باب الجبائر ص ٢١ ج ٣ مرآت العقول الحديث ٤ وهو في الوسائل الباب ٣٩ من أبواب الوضوء الحديث ٥ وفي جامع أحاديث الشيعة ١٢٣ الرقم ١٠٨٦.