فكيف أصنع بالوضوء. فقال : يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) امسح عليه ، وقد استدلّ بها على أنّ الأصل في المضارّ الحرمة ، وفي المنافع الإباحة ، وهذا أصل معتبر في علم الفقه ، وقد يتمسّك به في نفي القياس لأنّ كلّ حادثة فحكمها المفصّل إن كان مذكورا في الكتاب والسنّة فذاك ، وإلّا فإن كان من باب المضارّ فالأصل فيه الحرمة أو من باب المنافع فالأصل الإباحة ، والقياس المعارض لهذين الأصلين يكون قياسا واقعا في مقابلة النصّ فيكون مردودا.
(وَلكِنْ يُرِيدُ) الأمر بالطهارة على ما تقدّم.
(لِيُطَهِّرَكُمْ) أى ينظّفكم من الأحداث ويزيل المنع عن الدخول معها فيما هو شرط فيه الطهارة أو المراد يطهّركم من الذنوب فإنّ الوضوء تطهير منها لقوله صلىاللهعليهوآله الوضوء يطهّر ما قبله أو المراد يطهّركم بالتراب إذا أعوزكم التطهير بالماء. فمفعول يريد في الموضعين محذوف كما أشرنا إليه ، ويحتمل أن يكون اللام مزيدة ومدخولها مفعولة : أى ما يريد الله جعل الحرج عليكم حتّى لا يرخّص لكم في التيمّم ولكن يريد تطهيركم واستضعف البيضاوي هذا الوجه نظرا إلى أنّ ـ أن ـ لا تقدّر بعد المزيدة ، وفيه نظر فإنّ الشيخ الرضىّ صرّح بأنّ اللام المقدّرة بعدها أن بعد فعل الأمر والإرادة زائدة كقوله تعالى (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ) الآية على أنّ البيضاوي نفسه في قوله تعالى (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) صرّح بأنّ اللام مزيدة لتأكيد معنى الاستقبال ومدخولها مفعول يريد وهو منه تهافت.
(وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) أى بما شرعه لكم ممّا يتضمّن تطهير أبدانكم وقلوبكم أو يكفّر ذنوبكم أو ليتمّ برخصه انعامه عليكم بعزائمه ، واللام هنا كأختها في احتمال التعليل ، ومفعول الإرادة محذوف ومدخولها المفعول.
(لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) على نعمائه المتكاثرة الّتي من جملتها ما شرعه في هذه الآية أو المراد لكي تؤدّوا شكره بالقيام بما كلّفكم به فيها ، ويظهر من الآية أن التيمّم طهارة يستباح بها ما يستباح بالماء ، ويؤيّده ما في الأخبار الصحيحة يكفيك الصعيد