يقولون هذا ثوب طهور ، ولا خلّ طهور لأنّ التطهير ليس في شيء من ذلك.
لا يقال : الفعول الّذي ورد متعدّيا في كلام العرب هو الّذي فعله متعدّيا كالضارب ، والطهور ليس كذلك.
لأنّا نقول : ذلك ممنوع كيف وقد ورد كثيرا في أسماء المبالغة متعدّيا ، وإن لم يكن أصله متعدّيا ، ولا خلاف بين النحاة أنّ اسم الفعول موضوع للمبالغة وتكرار الصفة وظاهر أنّ الماء ممّا لا يتكرّر ولا يتزايد في طهارته فينبغي أن يعتبر في إطلاق الطهور عليه غير ذلك ممّا يمكن تزايده فيه ، وليس بعد ذلك إلّا أن يكون مطهّرا لغيره ويتمّ المطلوب.
وفي الكشّاف طهورا بليغا في طهارته ، وعن أحمد بن يحيى هو ما كان طاهرا في نفسه مطهّرا لغيره فإن كان ما قاله شرحا لبلاغته في الطهارة كان سديدا ، ويعضده قوله تعالى (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ) وإلّا فليس فعول عن التفعيل في شيء.
والطهور في العربيّة على وجهين : صفة واسم غير صفة ، فالصفة ماء طهور كقولك :
طاهر ، والاسم كقولك لما يتطهّر به : طهور كالوضوء ، والوقود لما يتوضّأ به ، ويوقد بالنار ، وقولهم : تطهرت طهورا حسنا كقولك : وضوءا حسنا ذكره سيبويه ، ومنه قوله صلىاللهعليهوآله : لا صلاة إلّا بطهور : أي طهارة. انتهى.
واعترضه النيشابوري أنّه حيث سلّم أنّ الطهور في العربيّة على الوجهين اندفع النزاع لأنّ كون الماء ممّا يتطهّر به هو كونه مطهّرا لغيره فكأنّه قال : وأنزلنا من السماء ماء هو آلة للطهارة ويلزمه أن يكون طاهرا في نفسه وقال : وممّا يؤكّد هذا التفسير أنّه تعالى ذكره في معرض الانعام فوجب حمله على الوصف الأكمل ، وظاهر أنّ المطهّر أبلغ من الطاهر ، ونظيره قوله تعالى (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) انتهى ولا يخفى ما في تفسير الطهور بآلة الطهارة فإنّ الآلة لا يوصف بها من بين المشتقّات فكيف يستلزم ذلك التسليم اندفاع النزاع. فتأمّل.
ويمكن ردّ كلام الكشّاف بقوله صلىاللهعليهوآله : التراب طهور المسلم ، ولو لم يجد الماء عشر سنين ، ولو كان معنى الطهور الطاهر لكان معناه التراب طاهر المسلم فلا ينتظم و