إنّي امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة. فقال : لا إنّما ذلك دم عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدع الصلاة فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ، ومعنى العرق أنّه علّة حدثت بها من تصدّع العروق ، وقد اتّفق المسلمون كافّة على تحريم الجماع في زمان الحيض ، واتّفقوا أيضا على حلّ الاستمتاع بالمرأة بما فوق السرّة وتحت الركبة ، وإنّما اختلفوا في جوازه بها دون السرّة وفوق الركبة وعدمه. فقيل : بالجواز وعليه جماعة من المفسّرين ، وهو قول أكثر أصحابنا نظرا إلى أنّ المراد بالمحيض موضع الحيض ، والمعنى فاعتزلوا موضع الحيض من النساء.
ويؤيّده أنّه المتبادر من اعتزال النساء. إذ المقصود من معاشرتهنّ هو الجماع في الفرج ، ولأنّه كان في الجاهليّة (١) إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجالسوها على فرش ولم يساكنوها في بيت. فقال أناس من الأعراب : يا رسول الله البرد شديد والثياب قليلة فإن آثرناهنّ بالثياب هلك سائر أهل البيت ، وإن استأثرنا بها هلكت الحيّض فنزلت الآية. فقال صلىاللهعليهوآله : إنّما أمرتم أن تعتزلوا مجامعتهنّ إذا حضن ولم يأمركم بإخراجهنّ من البيوت يعنى أنّ المراد من قوله : فاعتزلوا النساء فاعتزلوا مجامعتهنّ.
وروى العامّة عن عائشة حين سئلت عن ذلك أنّها قالت : يتجنّب شعار الدم (٢)
__________________
(١) روى القصة كما في المتن مع اختلاف يسير في جامع أحاديث الشيعة ص ١٩٠ ج ١ الرقم ١٧٩٠ نقلا عن ص ٧٧ مستدرك الوسائل عن الغوالي ، ونقلها في البحار أيضا ج ١٨ ص ١٠٨ وفي أحاديث أهل السنة نظير هذا المضمون في سبب النزول بوجه آخر انظر الدر المنثور ج ١ ص ٢٥٨ وفيه واصنعوا كل شيء إلا النكاح ، وفي لفظ كما حكاه ابن الهمام في ص ١١٥ ج ١ فتح القدير إلا الجماع ، وكذا في المنتقى بشرح نيل الأوطار ج ١ ص ٢٩٩ وفيه رواه الجماعة إلا البخاري.
(٢) وفي الدر المنثور ج ١ ص ٢٥٩ وأخرج عبد الرزاق وابن جرير والنحاس في ناسخه ، والبيهقي عن عائشة أنها سألت ما للرجل من امرأته وهي حائض فقالت : كل شيء إلا فرجها ، وفي المغني لابن قدامة ج ١ ص ٣٣٤ عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : اجتنب منها شعار الدم.